من لم يسمع عن “الكرسي الألماني” لتعذيب السجناء الذي اعتمدته السلطات السورية ضد سجنائها، خصوصاً في سجن تدمر الصحراوي؟، ومن لم يسمع بهذه الوسيلة المرعبة التي تؤدي إلى إحداث كسر في العمود الفقري للسجين؟.
قد يختلف المؤرخون بين من يقول إن “الكرسي الألماني” ظهر في عهد الرايخ الثالث بقيادة الزعيم النازي أدولف هتلر، بينما يرى آخرون أن هذه الوسيلة في التعذيب ابتكرتها واستخدمتها السلطات الاشتراكية (الشرقية) في سجونها إبان انقسام ألمانيا، وقامت بتدريب ضباط أمن سوريين على استخدامها وبالتالي تم تصديرها الى هذا البلد العربي، الذي حكمه البعثيون بقيادة حافظ الأسد ولا يزال من بعده نجله بشار قرابة 40 سنة، حيث يعاني من اضطرابات دموية معقدة هذه الأيام .
المفارقة الدرامية اللافتة، هي عودة “الكرسي الألماني” الى مهده في برلين، من خلال سجناء سوريين مُحرّرين قصدوا العاصمة الألمانية ليقدّموا عملاً مسرحياً تراجيدياً يسلّط الضوء على عذاباتهم ومعاناتهم في السجون السورية في عهد حزب البعث.
شخصيات حقيقية عاشت المأساة وذاقت الرعب والألم من جلاوزة السجون في “محمية آل الأسد” لتقدّم صورة حقيقية عن ما يجري خلف القضبان من ممارسات لا علاقة لها بحقوق الإنسان لا من قريب ولا من بعيد.
مديرة المشروع الناشطة الألمانية المقيمة في لبنان، مونيكا بورغمان، أوضحت لموقع “دويتشه فيله” أن “هناك ثمانية رجال تعرضوا لتعذيب فظيع، والمسرحية هي طريقة للتحرر من آثار تلك التجربة المريرة”، مشيرة في الوقت نفسه الى أن المسرحية تم عرضها في بيروت من قبل ولاقت تفاعلاً حاراً من الجمهور.
ويبدو أن زيارة السجناء السابقين الذين تعرضوا للتعذيب في سجن تدمر على مدى سنوات، كانت عبارة عن ندوة صحافية تحولت الى عمل مسرحي قُدّم على خشبة “AUFBAU HAUS” في العاصمة الألمانية التي شهد شطرها الشرقي أيضاً في بعض سجونه تعذيباً مشابهاً خلال عهد الـ “DDR”. وذكرت “دويتشه فيله” أن هذه المسرحية “تميزت بنوع من الحميمية وفيض من البوح واسترجاع ذكريات أليمة”، مشيرة الى أن السجناء تقاسموا الأدوار بين من لعب دور السجّان ومن لعب دور السجين.
واللافت أن السجناء السابقين هم أنفسهم من كتب نص المسرحية، التي نفذها المخرج اللبناني رامي نهاوي، ورافق هؤلاء الممثلين الحقيقيين على مدى ثلاثة شهور.
ويقول المخرج اللبناني الشاب لـ DW عن هذه التجربة التي وصفها بالرائعة: “لم أكن أحاول أن “أُمَسْرِح” عملهم، بقدر ما كنت أساعدهم على القيام بما يريدون القيام به”. أما عن الصعوبات التي واجهها فحصرها في “محاولة تقديم مشكلة سياسية في قالب مسرحي”، حسبما نقل المركز الألماني للإعلام التابع لوزارة الخارجية الألمانية.
تتناول المسرحية الفترة الصباحية في سجن تدمر كموضوع لها، ذلك أن هذه الفترة كانت الأصعب. وقد بدأ عرضها في الفاتح من مايو/ أيار 2013 بتنظيم من مؤسسة “أمم للتوثيق والأبحاث” و”جمعية المعتقلين اللبنانيين السياسيين في السجون السورية”، كما أنها تلقت دعم مؤسسة “فريديريش ايبرت” التي تعمل على دعم مشاريع عديدة في الشرق الأوسط وهي تابعة للحزب الاشتراكي الديموقراطي الألماني.
(برس نت)