- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

سوريا: درب الآلام

Bassam 2بسّام الطيارة
ظهرت في صفحة رئاسة الجمهورية العربية السورية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، صورة يقول التعليق إنها لـ«أسماء الأسد زوجة الرئيس بشار الأسد وهي تسير مع طفليها باتجاه مدرستهما في دمشق».
فجأة ما أن قرأت هذا التعليق حتى ذهب خيالي إلى كل أطفال سوريا، إلى شهداء القصف المتبادل من أطفال وآباء وأمهات.
فجأة توقف سير التحليل السياسي ليدخل عقلي في ضباب عاطفي غطى على قدرة التحليل: كم أم تخرج يومياً وقلبها يهلع على أولادها؟ كم أم تنتظر في المنزل عودة فلذات أكبادها وهي تنصت إلى أصوات القنابل وأزيز الرصاص؟
من الصعب معرفة «الظرف الأمني الذي رافق تصوير هذه اللحظة» في شارع من شوارع دمشق، وبالطبع لا يخفى على أحد أن وضع هذه الصورة على موقع رئاسة الجمهورية يدخل ضمن لعبة الحرب الإعلامية بين النظام والمعارضة. ولكن إذا تجاوزنا هذه النقطة الملونة بالبروباغندا، تكون أسماء الأسد «أم تمسك بيد أولادها»… مثلها مثل كثيرات في شوارع المدن السورية المدمرة.
ماذا يعبر في فضاء تفكير هؤلاء الأمهات وهن يمسكن بيد غضة صغيرة طرية ناعمة؟ أشياء كثيرة ولا يستطعن قولها لصغارهن حول العنف والقتل والدمار. أي قلق عظيم يجتاح قلوب الأمهات وهن ينظرن إلى أولادهن والقنابل تنزل عشوائياً على المنازل؟ ألا يجنح تفكيرهن نحو «الأشهر التسعة» التي حملن فيها الجنين والآلام والتعب والإرهاق الملون بأمل الحياة؟ ألا يقودهن هذا التفكير إلى خوف مريع من اللحظة المقبلة وما تخبئه من رعب وخطر الموت؟

لنترك المدرسة وطريق المدرسة.

هل نتجرأ على دخول منازل اللواتي فقدن أولادهن؟ هؤلاء اللواتي يعشن في الذكريات الأليمة في ذكرى طفولة من حملن ووضعن وربين؟ هؤلاء تنقلهن الذكريات الأليمة إلى طريق المدارس يومياً كل ساعة وكل لحظة. إلى تلك الطريق التي مشى عليها أحبائهن الصغار وعادوا أشلاء. ينظرن في داخل ذكرياتهن الأليمة ولا تغيب عنهن لحظة واحدة مما عشن مع من لم يعد أمامهن ليركض وليلعب وليزغرد. فقط ألم لا يمحى يتصدر قلوبهن.

هؤلاء ينظرن إلى صورة «أي أم» توصل أولادها إلى المدرسة فيزداد نزيف ألم لا دواء له.

إنها الحرب بوجها البشع الذي يغطي سعادة الأمهات ويحول حياتهن على هذه الأرض إلى عذاب لا يوصف، عذاب ملتصق بالذاكرة، عذاب لا نهاية له.