باريس – بسّام الطيارة
«السعودية غير راضية» هكذا يبادر مصدر مطلع على الملف السورية الحديث عن «جنيف ٢». يأتي هذا الكلام في باريس بتناقض واضح بين ما يتم تسريبه منذ اسبوعين عن «توافق فرنسي قطري تركي» يعاند توجه «سعودي أميركي». يتابع المصدر بأن المملكة الوهابية «غير مرتاحة للتراخي الأميركي» الذي يقود نحو «إعادة تسخين طبق جنيف».
ومن هنا التحرك الذي بدأه الأمير بندر بن سطان الأمين العام لمجلس الأمن الوطني ورئيس الاستخبارات، لـ««خربطة لقاء جنيف» وإفشاله. ويفسر هذا «استدعاء» الأمير بندر لكافة أقطاب المعارضة السورية واحداً تلو الآخر إلى المملكة للتأثير ليس فقط على «تفاصيل تركيبة فريق المعارضة» بل لوضع خارطة طريق لخربطة مسار التوجه نحو جنيف. وينقل مقرب من أحد هؤلاء الأقطاب أن الأمير بندر الرجل القوي اليوم في المملكة، شرح للقطب بأن «الأميركيين ليس لديهم أي خطة» وأن كل ما فعلوه هو «الاستسلام للطرح الروسي»، وشدد على أن «المملكة مستاءة جداً» من السياسة التي يبتعها جون كيري والذي وصفه حسب ما نقله القطب بأنه «ساذج وبسيط».
ويشرح القطب بأن السعوديين يدركون تمام الادراك بأنه من الصعب جداً وقف مسيرة جنيف ٢، ما لم يطفو الفشل على سطح اللقاءات، من هنا فإن بندر يسعى إلى تحميل أقطاب المعارضة «توصيات» حول أهم نقاط التفاوض الواجب «كسبها».
وقد علمت «برس نت» أن الأمير شدد على ضرورة تشدد المعارضة في مسألة «إمساك الأجهزة الأمنية والعسكرية» وعدم تركها في أيدي النظام أو في أيدي مقربين منه أو حتى في أيدي مقربين من الروس.
تفسر مواقف السعودية الأخيرة نقطتين برزتا في اليومين الأخيرين:
١) أدركت موسكو بأن السعودية تضع عراقيل وتستقبل أقطاب المعارضة السورية واحداً تلو الآخر، فبدأت الترويج لضرورة دعوة السعودية إلى لقاء جنيف (إلى جانب إيران).
٢) عاد التقارب بين الرياض وباريس في الملف السوري، على عكس ما كان بادياً سابقاً.
وفي هذا الإطار قال مصدر مطلع على كواليس الديبلوماسية الفرنسية بأن «إيريك شوفاليه» آخر سفير لفرنسا في دمشق والممسك بالملف السوري» يعتقد بأن الأميركيين يسيرون في الطريق الخطأ، وهو «غير متفائل البتة» ويرى أن «آلمشروع لروسي الأميركي فاشل قبل أن يبدأ». ويرى المصدر بأن دوائر القرار في باريس ما زالت تعتقد بأن أفضل وسيلة هي «كسر ميزان القوى عبر تسليح المعارضة» وخصوصاً الجيش السوري الحر.
وفي هذا الإطار كشف مصدر بأن لوران فابيوس وزير الخارجية الفرنسي،«التقى لأول مرة ميشال كيلو منفرداً» وأن التوجه الفرنسي هو لـ«إعطاء كيلو وزن» في تركيبة المعارضة التي يمكن أن تتوجه إلى جنيف، علماً أن كيلو زا السعودية قبل حوالي الـ ١٠ أيام.
ومن هنا فإن ميزان التحالفات داخل القوى المؤيدة للمعارضة السورية بات اليوم يضم من جهة «تركيا فرنسا والسعودية» وهو القطب الذي يدعو لـ«تسليح ثقيل» يكسر معادلة التوازن ويغير المعطيات على الأرض. في حين يضم القطب الثاني «قطر والولايات المتحدة» وقيه كما يقول مراقب بعض التناقضات القوية إذ أن قطر «ترسل أسلحة متجاوزة ما يطالب به القطب الأول» في حين أنها تؤكد للأميركيين بأنها «خففت إرسال الأسلحة» بعد بروز جبهة النصرة.
ووقد وضعت المملكة لوهابية كل ثقلها في سياق عرقلة جنيف ٢، وينقل المصدر بأن الزعيم الدرزي وليد جنبلاط الذي هو على اتصال وثيق بالمعارضة السورية، بادر ما أن عاد من المملكة في الاسبوع الماضي إلى «الاتصال بمستشار للرئيس الأميركي أوباما» لإقناعه بـ«عبثية المسار السياسي» ونقل عن المصدر بأن جنبلاط سمع من المستشار ما مفاده «انتهى الأمر في هذه المرحلة سوف نتبع المسار الروسي لنرى إلى أين يقودنا».