- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

مئوية فاغنر الثانية تتألق موسيقى وغناءٌ في بيروت

59984844_un-bicentenaire-pour-redecouvrir-le-plu-461110بيروت ــ معمر عطوي
المئوية الثانية لموسيقار الرومانسية الألماني ريتشارد فاغنر، كانت حاضرة في بيروت هذا الشهر (17 أيار 2013) من خلال حفلة موسيقية أقامتها الأوركسترا الفلهارمونية اللبنانية بقيادة هاروت فازليان، في قاعة كنيسة القديس يوسف للآباء اليسوعيين في بيروت.
لكن المشهد ما كان ليكتمل لولا حضور السوبرانو مونيكا إيدر، التي  أعطت للمناخ الموسيقي مساحة واسعة من التألق، أضفى على الحضور حالة شبيهة بالخشوع التعبدي، في تماهٍ لافت مع الصوت رغم حاجز اللغة، بين جمهور تطغى عليه الثقافتان الإنكليزية والفرنسية ومغنية أوبرا تغني باللغة الألمانية.
خمسة مقطوعات من روائع أعمال فاغنر(1813-1883)، أبرزها Tannenhaeuser, بمرافقة صوت مونيكا إيدر، والتي تحكي قصة الصراع ما بين الخوف والحب الدنس، والتضحية من خلال الحب.
وبدأت الأوركسترا بعزف عمل فاغنر بحركتين لمقدمة Die Meistersinger von Nuernberg وهو سيد الغناء في مدينة نورنبرغ الألمانية (جنوب) وهو مقرب من فاغنر أتى في مرحلة ناضجة ليكتب أوبرا كوميدية. يصور بحالة من التأثر مسابقة الأغنية في القرن السادس عشر في نورنبرغ بواسطة نقابة فنية لرئيس المطربين الذي يملك اعتقاداً مثالياً حول «قداسة» الموسيقى.
الحركة الثالثة من هذا العمل Die Meistersinger von Nuernberg تُعتبر من أهم أمجاد فاغنرالتي أنتجها. هي عبارة عن فاتحة موسيقية مستغرقة في التأمل، تبدأ بموضوع تراجيدي ينحدر نحو الكآبة، يتم عزفه بواسطة التشيلو الآلة الوترية، وترانيم «مُبجلة» بواسطة آلات مثل البوق والباسون.
كما عزفت الأوركسترا اللبنانية مقطوعة أخرى بعنوان Tristan and Isolde مترافقة مع صوت السوبرانو إيدر. وفي الأخير كان مسك الختام مع مقطوعة Over to Tannhaeuser
التي أكملها فاغنر في العام 1845 وهي الاستهلال المشهور لإعادة صياغة قصة الأوبرا التي كُتبت أخيراً.
أما مغنية الأوبرا الألمانية الشابة فقد بدأت بنهل دروس في الغناء منذ حداثة سنها على يد مارغريت أست المعروفة.
درست ايدر في المعهد العالي للموسيقى والفنون المسرحية في فرانكفورت (وسط ألمانيا) في الفصل الصوتي للبروفيسورة باولا بيج.
مرة أخرى تنقلنا الأوركسترا الوطنية اللبنانية إلى عالم نحتاجه كثيراً في خضم الأزمات التي يمر بها لبنان والمنطقة، ففي قاعة كنيسة اليسوعية يستمر برنامج طلاب وأساتذة معهد الكونسرفتوار إسبوعياً، بباقات مميزة من روائع النتاجات الموسيقية العالمية، حيث يعيش المستمع لفترة ولو وجيزة في طقس جمالي ينتشلك من المكان ويحلّق بك على أثير عظماء مثل فالدي وبيتهوفن وموتسارت وباخ وهايدن وتشايكوفسكي وأخيراً لا آخراً كان فاغنر في مئويته الثانية ينقلنا الى روائعه في القرن التاسع عشر وهو الذي يجسّد مع آخرين عظمة الفن الموسيقي الألماني. ربما كانت الموسيقى أفضل ما تبقى لنا من قيم جمالية في هذه الفوضى التي نتخبّط بها. لحظات جميلة نعيشها مع العظماء لا يمكن وصف الشعور في لحظات معايشتها.