- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

الأردن هل ينأى بنفسه ؟

Najat2013نجاة شرف الدين

من يزور الأردن هذه الأيام ، يستطيع أن يلاحظ وبوضوح كيف دخلت سوريا بمشهدها الأمني والسياسي في الحديث اليومي للأردنيين وشكلت مادة للجدل والإختلاف فيما بينهم وعلى أكثر من مستوى ، في مقابل تراجع  فلسطين لتحتل المرتبة الثانية حاليا في  الأولويات نتيجة الضغط الحاصل من عوامل عدة منها ملف اللاجئين السوريين وعبء المساعدات الإنسانية الى القتال الى جانب المعارضة السورية من قبل الجماعات السلفية الأردنية وصولا الى عمليات التدريب للجيش السوري الحر التي تحصل في مناطق أردنية عدة وبمشاركة مدربين أميركيين وأجانب .

هذا المشهد السوري في عمان أحدث إنقساما في الداخل نتيجة تشابك عوامل عدة خارجية وداخلية ، منها الجغرافيا في ظل الوجود الفلسطيني الواسع والخوف الدائم من تحويل الأردن الوطن البديل للفلسطينيين إضافة الى العامل العراقي أيضا من خلال تحول عمان الى محطة أساسية في الطريق الى بغداد كما من خلال العلاقات التجارية والإقتصادية وصولا الى الحدود مع سوريا وتصاعد التوتر حينا في الخطاب السياسي  وعودته الى الهدوء أحيانا نتيجة دخول المسلحين الى درعا أو تهريب الأسلحة  أو تعاون الأمن السوري والأردني في لحظة معينة ، وهو ما أدى الى مقتل أربعين سلفيا أردنيا حتى اليوم على الأرض السورية  من أصل 500 مقاتل دخلوا إليها في مقابل محاكمة  30 شخصا في قضايا تهم محاولة الإلتحاق بجبهة نصرة أهل الشام في سوريا .
هذا الواقع الأردني المتشابك والمعقد ، وفي ظل الخطاب الرسمي الذي يحاول الملك عبد الله التعبير عنه من خلال مواقفه المؤيدة علنيا لتسوية سياسية عبر مرحلة إنتقالية ، وهو يستضيف حاليا مؤتمر أصدقاء سوريا كمؤشر على ذلك ، يخفي في طياته صراعا داخليا بين القوى السياسية الأردنية الإسلامية والإصلاحية واليسارية والقومية والليبرالية ، التي يحاول كل منها قراءة المشهد السوري من زاوية موقعه السياسي في الأردن ، ففي الوقت الذي يحاول فيه الإخوان المسلمون التعويل على سقوط النظام ووصول الإخوان الى سوريا كما حصل في مصر وتونس وبالتالي يفتح الأفق أمامهم في الأردن ، يتخوف الليبراليون من وصول الإسلاميين الى السلطة رغم تأييدهم للثورة في سوريا ، وهذا ما جعل الوطنيين الأردنيين يتخوفون أيضا من مصير مماثل لما حصل في سوريا ، فبدوا مترددين خاصة مع مرور سنتين على الوضع السوري ونتائج ذلك من دمار وخراب في البلد  ، أما القوى السلفية فهي تعلن عن مشاركتها في القتال ضد النظام.

مما لا شك فيه أن موقع الأردن يشكل نقطة أساسية في الحسابات السياسية ، كما العلاقة الحساسة التي تربط الأردن بالولايات المتحدة الأميركية وبالتالي إسرائيل ، وما حصل في سوريا خلط الأوراق في المنطقة ، ولا سيما في الدول المجاورة ، ومنها الأردن ،  فهل يستطيع الملك عبد الله  الذي بدا موقفه غامضا في بعض الأحيان ، أن يتجاوز هذه التعقيدات في المشهد السوري الأردني ويوازن من خلال اللعب على التناقضات بين الداخل الأردني وما هو مطلوب خارجيا ، وبالتالي هل ينجح بأن يجعل الأردن ينأى بنفسه عما يحصل في سوريا ؟