- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

ويذوب الشوق

(شعر معمر عطوي)*

نعود اليك والأرض يباب..
ولظى الشوق يبّخر بُعد المسافة
بين القلب والأوردة،
يحرق أوهام الفرح
ويحوّل السراب الى واحة بعذوبة المكان..

اثنان وعشرون عامًا وينتهي دفتر الحنين
بعد طول انتظار،
كنا ننظر اليك من البعيد
نشهد طفولتنا في خوابي الزيت
وبين وريقات الزيتون..
وعلى الجداول المنسابة من ثلوج الجبل الشامخ..

اثنان وعشرون عامًا مرت كالنار تحرق التراب
ويطول صمت الناي عند أبراج الحديقة،
ويعتّم النسيان ليل البعد الجارح..

“حرمون” نعبرك بصمتنا بأوجاعنا
بحنيننا المجبول بندب العشق “العاملي”
على ربى الجليل ومشارف الجولان..

قريتي.. اليك نعود.. واللهفة احتضان،
وبنسيم الشوق يلفحنا شذاك في الصحراء
حيث البعد والتمزق يعبرنا
بنصال الحسرة والآلام..

اثنان وعشرون عاماً
والخوف يزول بخناجرنا،
ويعود الجبل للشطآن..

آلام تتكاثر تبتعد.. تتعثر
بجموع الناس زاحفة من خلف غيوم الغضب والظفر،
تحمل كل حنين عجائزنا
وكروم التين.. والماعز،
وربابة راع ٍ ترك قطيعاً للطوفان..

سنوات مرّت بالدمع
وآهات الذل  والأحلام..

وسراب الوقت يزول..
إمرأة تعبر باحثة عن عبق شهيدٍ،
خلف الأكوام..

وتعود القرية محررة ً
ويفر الذئب وتنتصر الأغنام..

تتمرد فوق سواترهم
وتحول الوجع لقصيدة،
تعزف على وتر بنادقنا
بين الوهد والوديان..

اثنان وعشرون عاماً
وتعود سواعدنا للزرع وتنمو الأغصان..

ونسجل في صفحات دفاترنا
أن العودة قد تمّت
لكن الأرض خراب
و”الأقصى” في أيدي السجان..

*جدة في  3/6/2000.
ملاحظة: كتبت بعد اسبوع من اندحار العدو الصهيوني عن جنوب لبنان.
الى قريتي “الهبارية” ونُشرت في جريدة “عكاظ” السعودية.