- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

محمد مراح الانكليزي

Bassam 2نقطة على السطر
بسّام الطيارة
قام بريطانيان بمهاجمة جندي بريطاني في بريطانيا وقتله بشكل وحشي تحت أنظار المارة وعدسات تصوير الهواتف المحمولة. الحادثة تذكر بما قام به «شاب فرنسي» حين قتل «جنوداً وأطفال فرنسيين» بشكل وحشي أيضاً واثار موجة غضب واستنكار قبل سنة ونيف.
حادثتان في مجتمعين أوروبيين قام بهما أوروبيان سلطت الأضواء على الإسلام وعلى مليار مسلم في العالم.
مثل محمد مراح الذي حتى اليوم لا تكف الوسائل الإعلامية عن التشديد على «أصله الجزائري والعربي ودينه الإسلامي»، رغم أنه ولد في فرنسا وتربى في فرنسا وأكل وشرب في فرنسا مثله مثل أكثر من نصف الفرنسيين الذين تعود أصولهم إلى مهاجرين قبل قرن. كذلك القاتل مايكل اديبولاجو، فهو مولود في بريطانيا ومقيم في لندن وتربى وترعرع في مدينة الضباب وأكل وشرب في بريطانيا، ومع ذلك فالصحافة تشدد على أصوله «الأفريقية».
محمد مراح قضى في «عملية القبض عليه» قضي مصاباً بعشرات الطلقات، وبالتالي لن يجاوب على كل الأسئلة التي بدأت تطفو على وجه التحقيقات والتي تثير العديد من الاستفهامات حول علاقته مع الاستخبارات الفرنسية قبل المجزرة.
الشرطة اللندنية أطلقت النار على مهاجمي الجندي ما إن وصلت إلى موقع الحادث رغم أن كل الشهود أفادوا بأن الرجلين بعد جريمتهما الشنعاء كانا في وضع هادئ حتى أن أحدهما تحادث مع امرأة نزلت من حافلة لتتحاور معهما. هل أرادت الشرطة «إسكات» القاتلين؟ الشهود يقولون إن الشرطة أطلقت النار على أرجل الرجلين، رغم هذا فإن حالة أحدهما حرجة.
تحقيقات الشرطة بدأت ولكن تعليقات الصحف وتسخين الرأي العام يسبقها وبدأ الحديث عن «عنف الإسلام والمهاجرين الغرباء» والغوص في تحليلات سطحية تطغى على كل حديث عقل.
وماذا يقول حديث العقل؟
يقول إن هؤلاء الشابين مثلهما مثل محمد مراح هما نتاج مجتمعهما البريطاني كما مراح نتاج المجتمع الفرنسي. حالة هؤلاء مثل حالات «شباب الضواحي» في باريس والمدن الكبرى وضواحيها وفي ضواحي لندن مثل توتنهام وغيرها من المدن الكبرى. إن هؤلاء الشباب هم مواطنو درجة ثانية في أوروبا أفرزتهم الأزمات الاقتصادية المتتالية وعجزت الدول عن تأمين أدنى متطلبات الحياة الحديثة لهم فباتوا منبوذين في مجتمعاتهم.هذه الحال ليست فقط للمسلمين أو لذوي الأصول المهاجرة، فبين ذوي «الجلدة البيضاء» والأوروبيين الأقحاح نجد منبوذين وموتورين. الفراغ والعطالة عن العمل والفقر كلها عوامل تدفع منبوذي العصور الحديثة نحو التطرف، كل نحو تطرف مختلف ديني أو رياضي أو سياسي.
تطالعنا الصحف يومياً بجرائم شنيعة يرتكبها «بيض أوروبيون»، قد تحتل هذه الأخبار الصفحات الأولى يوماً واحداً قبل أن تنتقل إلى الصفحات الداخلية بين أخبار الجرائم والجنح. هذا الذي «قطع زوجته إرباً» ووضعها في الثلاجة وذاك الذي دعا أصدقاءً للعشاء ثم أقفل باب بيته المتواضع وأضرم النار قبل أن يذهب للتسول في ساحة القرية. هذا الذي دخل منزل عائلة لا يعرفها فنحر الأب والأم والأولاد الثلاثة … يومياً نجد هذه الأخبار. في حدث رياضي أيضاً يسعى هؤلاء المنبوذون إلى العنف رغم لذة النصر أو بسبب مرارة الهزيمة فيتشارك «الأبيض» مع «الملون» في التخريب تماماً كما حصل عشية انتصار فريق باريس سان جيرمان. التحليلات التي ترافقها تدخل في إطارات علم النفس والاجتماع والتحليلات السيكولوجية. فقط إذا كان المجرم مسلماً أو ملون البشرة تدخل التحليلات في أطر سياسية ودينية وتنتقل جغرافياً إلى الشرق الأوسط والعالم الإسلامي.