- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

حزب الله : إنكسرت الصورة

Najat2013نجاة شرف الدين

مع بداية الإحتجاجات التي شهدتها سوريا في آذار العام 2011 ، إنتظر العديد من المراقبين ولا سيما في الولايات المتحدة ودول غربية عدة ، كيف سيتعامل  حزب الله مع الواقع الجديد وكيف ستكون ردة فعله في إتجاه ما يحصل على الأرض السورية ، خاصة أن الحزب كان من أشد المتحمسين للثورة في مصر كما في تونس وليبيا وبالطبع في البحرين وحتى في اليمن  . إلا أن حالة الإنتظار هذه لم تدم طويلا مع ظهور مواقف بدأت تتدرج من التبرير والدفاع عن النظام السوري تحت حجج مختلفة منها محور الممانعة وإستهدافه وصولا الى حالة المشاركة الفعلية عسكريا وسياسيا في المعارك الدائرة لا سيما في القصير .
هذا المعطى الجديد الذي ربما لم يشكل صدمة في البيئة الحاضنة للمقاومة ، إلا أنه أرخى بثقله على الموقع الذي يحتله حزب الله ليس فقط في بيئته بل أيضا لدى المؤيدين والحلفاء والأصدقاء ، في ظل المشهد اليومي للشهداء القادمين من القصير الى القرى الجنوبية والبقاعية وفي الضاحية الجنوبية ، وبعدما أعلن أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله مباشرة ومن دون مواربة ، موقفه  الداعم والمشارك في الحرب الدائرة في سوريا قائلا ”  نحن  الان امام طرفين في الصراع ، الاول هو المحور الغربي والاميركي والذي يتوسل في الميدان الجماعات التكفيرية التي تدمر الحاضر والماضي والمستقبل، وفي الطرف الاخر دولة لها موقف من المقاومة وتدعو الى الحوار، وحزب الله لا يمكن ان يكون في جبهة فيها اميركا واسرائيل أو نابشي القبور وشاقي صدور”.
معتبرا ” أننا أمام مرحلة جديدة بالكامل بدأت في الاسابيع الاخيرة بالتحديد، اسمها تحصين المقاومة وحماية ظهرها، وتحصين لبنان وحمايته، وأنا لا أطالب أحد بالمساعدة، وهذه المعركة نحن أهلها وصناع انتصارها، وكما كنت أعدكم بالنصر دائما أعدكم بالنصر مجددا”.
هذا الكلام الذي وإن لم يكن مفاجئا بالنسبة للكثيرين ، إلا أنه جاء بعد مرحلة طويلة من التوتر السياسي الداخلي على خلفية ما يحصل في سوريا ، والذي  ساهم في تراجع صورة حزب الله ليس فقط في الداخل اللبناني وإنما في المحيط العربي والإسلامي . فصور السيد حسن نصر الله التي رفعت في بلدان عدة بعد حرب تموز 2006 ،وموقع المقاومة الذي تقدم الى الواجهة وأعطى نموذجا يحتذى في الصراع مع العدو الإسرائيلي ،  تعرض لإهتزازات متعددة منذ السابع من أيار عام 2008 ، والى نكسة ما بعد الأحداث في سوريا .
إنتقال حزب الله للقتال في القصير ، والذي يعرف الحزب تداعياته عليه في الداخل والخارج ، فتح الباب واسعا في الصراع ولو على الأرض السورية ، التي تحولت لساحة لتصفية الحسابات الدولية والإقليمية ، وهو ربط مصيره إستراتيجيا بمصير النظام ، وبالتالي فأي تسوية أو حل أو حتى غلبة لفريق على فريق سيكون لها إنعكاسات على موقعه في داخل المعادلة سياسية ، كما وأن إستمرار المعارك ولفترة طويلة ستزيد من حالة الإستنزاف الدموي التي يعيشها الحزب حاليا جراء سقوط الشهداء والجرحى بالعشرات .
خطاب السيد نصر الله الذي حظي بمتابعة واسعة دوليا وعربيا ومحليا ، والذي إعتبره الرئيس سعد الحريري إنتحارا سياسيا ، شكل محطة مفصلية في موقع الحزب ومستقبله ، وبغض النظر إن كان نتيجة قرار إستراتيجي أم تكتيك مرحلي ، وبغض النظر عمن سيربح أو يخسر في سوريا أو حتى لو جرت تسوية سياسية أو تمت إطالة الأزمة لسنوات قادمة ، فإن ما خسره الحزب من خلال إنكسار صورته لن يستطيع إستعادته وبالتالي فإن  موقع الحزب قبل القصير لن يكون كما قبله…