- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

تعري علياء المهدي… «نضال» شرقي لم يفهمه الغرب

باريس ــ «أخبار بووم»

صورة علياء ماجدة المهدي موجودة في الفضاء التواصلي منذ أكثر من اسبوعين. بعض المواقع الناشطة تداول موضوعها كفعل تضامني لدعم حرية الرأي والتعبير. ومواقع أخرى نشرت «كلاماً عن صورتها» من دون نشر الصورة، وحملت مدونات انتقادات لاذعة لها، وصلت في بعض الأحيان إلى الشتيمة البذيئة طالتها وطالت ملايين المشاهدين لمدونتها. وفي بعض المواقع لم يتردد مدونون من إهدار دم الصبية.

الغياب الملحوظ كان من قبل المواقع الإعلامية أي المواقع المرتبطة بصحف أو التي لا تنشط اجتماعياً بل تؤدي دور وسيلة إعلامية فقط لاغير. إن سياق نشر المهدي لصورتها عارية جاء من صلب ما يحدث داخل مصر، في حين كانت العيون مثبتة على القمع في سوريا وما يمكن أن يؤول إليه الوضع. من هنا غاب الوضع المصري عن واجهة الإعلام، في الوقت الذي كانت الأمور تشتد وتحتدم ويعيشها المصريون والمتابعون لمصير الانتخابات.

في هذه الفترة أرادت المهدي لفت الانتباه إلى أن القمع يمكن أن يعود إلى مصر في ظل الخوف، خوفها وخوف الآخرين من وصل الإسلاميين إلى الحكم، في محاكاة لما حدث في تونس وخوفاً من الترقبات الممكنة في ليبيا. أرادت علياء ماجدة المهدي أن تعود الأنظار إلى مصر وإلى الخطر الذي يمثله سقوط النظام الجديد في أيدي الإسلاميين، فقررت دفع الثمن «من جلدها الحي» بالمعنيين المجازي والواقعي.

لم يتناول الإعلام الغربي أيضاً هذه «الصورة لناشطة مصرية عارية»، إلا عندما عادت الحرارة المرتفعة إلى ميدان التحرير وبلغ عدد القتلى ٣٣ (عند كتابة هذه السطور).

إذ يدل هذا على شيء فهو أن «الحدث» هو الذي يجلب الوسائل الإعلامية وليس «غرابته» أو خروجه عن المألوف. وصورة علياء خارجة عن المألوف في العالم العربي والإسلامي (من دون الدخول في التفاصيل) ولكنها أكثر من عادية بالنسبة للغرب. تصبح صورتها ذات مضمون ناشط ونضالي عندما ينظر الفضاء الغربي إلى هذه الصورة عبر تقاليد الفضاء الشرقي، إذا على الغرب أن «يستعيد النظرة الاستشراقية التي انتقدها إدوار سعيد» كي يعطي لهذه الصورة حقها النضالي.

صحيفة «ليبراسيون» اليسارية «أستفاقت» على صورة المهدي عندما احتد القتال والكر والفر في ميدان التحرير. وكتبت عنها وبالطبع سوف تلحقها صحف أخرى فاتها «حدث الصورة». وقد عنونت الصحيفة الفرنسية المقالة كما يلي «علياء المهدي عارية في مواجهة السلفيين». وجاءت المقدمة لتشرح أن «هذه الناشطة وضعت صورتها على مدونتها للتنديد بالظلامية، مع خوف البعض من أن يكون التأثير سلبياً أكثر منه إيجابياً».

وبعد أن وصف الصحافي، كانتان جيرار، الصورة بالأسود والأبيض وقدم سيرتها الذاتية كطالبة إعلام وأنها «ملحدة منذ سن السادسة عشر»، طرح ردها على دوافعها بقولها «إن هذه الصورة هي لمواجهة مجتمع عنف وذكوري وفيه تنكيل جنسي ونفاق». وتشير إلى أن مدونتها الذي زارها ما يزيد عن «مليون متصفح» تحوي صور بعض الناشطين الذكور العراة.

وقد اتصل الصحافي بـ«خطيب علياء»، كريم عمر، الذي قضى ثلاث سنوات في السجن بسبب «قدح وذم الرئيس مبارك»، وقد شدد على أن «الصور أخذت قبل خروجه من السجن»، إلا أنه دافع عن خطيبته بقوله “تفعل ما تشاء”. وأضاف بأنه يتفهمها جيدا لأنها تريد أن «توصل رسالة».

إلا أن الصحافي يشير إلى أنه يوجد خوف من ردات فعل سلبية، حسب قول أمين يحياوي على موقعه على تويتر ((@Mira404 sur Twitter. وتقول المدونة سارة بن حمادي (@Sarah_bh)، وهي تونسية، بأن «الجسد العاري هو عامل بيع في الغرب», ولكن الأمر يختلف في المجتمعات الشرقية، حيث الحرية لا تتماشي مع العري. وتعتقد حمادي بأن هذا «الأسلوب ليس الأفضل». وتشرح السبب بأنه من الصعب لهذه الخطوة أن «تحصل على تأييد واسع».

إلا أن جميع محاوري الصحافي في تحقيقه يعترفون بأن «نضال النساء سوف يكون جزءاً لا يتجزأ من حركة التحرر العربية».

هل يوجد خوف على علياء ماجدة المهدي؟ يجيب خطيبها بأنها «لا تخاف مما يمكن أن يصيبها».

دعوات إهدار دم المهدي ليست مزحة في وسط الأجواء المحمومة التي يعيشها العالم العربي والإسلامي حيث يتم المزج بين الحركات الدينية والتطلعات الإسلامية، وأجواء الثورات هي مؤهبة لكل أنواع التحركات التي يمكن وصفها بالثورية حسب منطلق الحكم عليها. عدد كبير من العرب شبان وشابات يتفهمون ما أقدمت عليه المهدي، ولكن حذار لأن عدداً أكبر قد يتفهم «أي هجوم عليها». ربيع عربي جاء إلا أن نسماته لم تحمل معها بذور حرية التعبير حتى الآن، فقد أطاحت بديكتاتوريين وتستعد لعصف آخرين ولكن آمال كثيرة ما زالت معلقة بها لتطال شرائح الشعوب وأفكارهم وقدرتهم على تقبل الآخر.