- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

شواطئ لبنان المجانية: تحرشّات وسرقات وكلاب شاردة

Plageبيروت ــ علي مرتضى (خاص)
تكثر أماكن الإستجمام والترفيه في لبنان ومنها الشواطىء والمسابح. لكن هناك شاطىء يحمل الناس بهمومهم. يرتضي لنفسه بأن يحطمها في مدّه وجزره، على مدار أيامه، شهوره، وسنينه.
في الوقت الذي تتقلص فيه نسبة المسابح المجانية بات شاطىء الرملة البيضاء في بيروت يستقطب العدد الأكبر من العائلات الفقيرة والمواطنين من ذوي الدخل المحدود. فالأوضاع الإقتصادية بلا شك هي التي دفعت بهؤلاء الى ارتياد شاطىء لا تتوفر فيه  مقومات المسابح؛ من غياب سبل الحماية للإنقاذ من الغرق الى مشكلة تلوث المياه في ظل إهمال رسمي وغياب الوعي البيئي.
يشغل شبان فلسطينيون على طول الشاطىء مهمات مختلفة من الأمن وإدارة المقاهي الى الإنقاذ. وتقل نسبة الوافدين الى الرملة البيضاء منتصف الأسبوع، لتقتصر على بعض الشبان العاطلين عن العمل، في حين تحتشد عشرات العائلات نهاية الأسبوع إضافة الى عمال ومتسولين رغم من رداءة المياه وتلوث الشاطىء.
مع ذلك تكثر حالات الغرق نظراً لكثرة التيارات الرملية المائية ولعدم وجود الوعي والخبرة اللازمين.
من بين المرتادين سامر، شاب في مقتبل العمر يقصد شاطىء الرملة البيضاء بدافع التوفير نظراً ” لتردي وضعي المالي”، حسب قوله.
سامر الأعزب والذي يعتبر الزواج ” مصلحة فاشلة” يعمل في مصنع للأحذية منذ أربع سنوات ،ويتلقى أجر ما ينجزه من أحذية فقط. غالباً ما يقصد الشاطىء بمفرده أوبرفقة أصدقائه.
يرى سامر أن “الجو هادىء في الاجمال، ولكن أحياناً تسود استفزازات ومشاحنات بين بعض العاملين في المقاهي والشبان الزائرين”.
لذلك لا يرتاد الشاب الشاطىء بصحبة فتاة. فهو يتجنب تعرضها لـ “التلطيش”، أي التحرش اللفظفي الذي قد يطالها من الشبان المتواجدين هناك “فأنا في غنى عن هذه المشاكل”.
أما محمود فعامل مياوم في أحد الاكشاك المنتشرة هناك. له في هذا المجال ست سنوات. يقول “يقصد هذا المكان أناس من جنسيات ومناطق مختلفة. يصعب عليّ مسايرة البعض خاصة من يفرطون في شرب الكحول”. رغم أن محمود يشرب الكحول منذ زمن لكنه يرى أن هناك من يشربها بجنون فيفقد السيطرة على نفسه مما يوقعه في المتاعب. ولذلك مُنع ادخال المشروبات الروحية الى الشاطىء، لكن، ولكن المفارقة أن أصحاب الأكشاك ما زالوا يبيعونها .
يُقال إن عدداً كبيراً من الناس يتجنبون النزول الى المكان لخوفهم من التعرض للمشاكل أو السرقة والتحرش”. لكن محمود يوضح قائلاً “غير صحيح .نحنا ما بناكل عالم”. ويضيف “لكن هذا لايمنع فرض النظام بالقوة أحياناً، واذا لم نفعل ذلك فلن يسود الهدوء”.
plage saleلا يملك محمود وقتاً ليرتاد مسابح أخرى. عليه أن يقضي موسم الصيف عاملاً في أحد ألاكشاك نظراً للأوضاع المادية الصعبة التي يعيشها.
عاش أبو محمد تجربة سيئة مع أحد المسابح الخاصة، يقول عنها: “حاولت ألا أكسر في خاطر أولادي وقتها. دفعت مئة الف ليرة رسم دخول، اضافة الى مصاريف المأكولات والمشروبات”، يشير أبو محمد الى انه دفع يومها ثلث مدخوله الشهري والبالغ 600 الف ليرة. ويضيف “صرت آخذ زوجتي وأولادي الى الرملة البيضاء، الى مسبح الفقراء”.
لكن في آخر الليل يخشى البعض من الكلاب الشاردة، فأحد الشبان رغب مرة في ممارسة رياضة المشي على الرمال، فتعرض لهجوم من خمسة كلاب ونجا منهم بإعجوبة.
أما وائل فلديه الاسباب الطبيعية التي تمنعه من ارتياد شاطىء الرملة البيضاء، منها بحسبه “التيارات البحرية الكثيرة، تعرّج الأرض الرملية ووجود الثغرات التي يمكن أن تودي بحياة الشخص من دون أن يشعر”.
تعرّض شاطىء الرملة البيضاء للتلوث. فشهد حملات التنظيف التي حصلت  بجهود فردية، إضافة الى بعض الجمعيات البيئية. في حين تبقى هذه الجهود من دون حجم التدفق البشري وما يحدثه من تلوث في ظل الفوضى السائدة.
لا يُفترض أن تخصيص مساحات من الشاطىء اللبناني للعامة يستلزم إنفاق مبالغ طائلة مقارنة بغيرها من المشاريع التي تُنفق عليها الدولة. فمن الضروري تخصيص شواطىء مجانية على امتداد الساحل اللبناني وتطويرها لتناسب كافة شرائح المجتمع وبالأخص الفقيرة منها، نظراً للحرمان الذي تعيشه في ظل الظروف الإجتماعية  والاقتصادية الحالية”.
فهل ستضع الوزارات المختصة مشروع إنشاء وتطوير الشواطىء المجانية؟ أم أن هناك واجب يلزم المواطن دفع الضرائب فيما يحرم من أبسط سبل الرفاهية؟