- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

هل هزم تحالف حزب الله وروسيا وإيران الديبلوماسية الفرنسية؟

Bassam 2نقطة على السطر

بسّام الطيارة
«هل هزم تحالف حزب الله وروسيا وإيران الديبلوماسية الفرنسية؟» هو سؤال طُرح على مسؤول ديبلوماسي كبير في الخارجية الفرنسية. لحظات صمت مرّت في القاعة قبل أن يطأطأ رأسه المسؤول ويجيب بنعم صامتة. هذه الصورة تكفي لوصف المرارة التي تعيشها الديبلوماسية الفرنسية نتيجة استفراد الثنائي الروسي الأميركي بالملف السوري واستبعاد باريس التي كانت خلال الـ ٨٠٠ يوم من الثورة من أشد داعمي المعارضة السورية.
مآخذ الديبلوماسية الفرنسية على «التصرفات الأميركية» متعددة ومتنوعة، ويمكن وضعها في خانة الشكوى من تصرف غير مفهوم للحليف الأميركي. يسرد المسؤول ثلاث نقاط تحبل بها الشكوى الفرنسية.
الأولى تتعلق بملف الأسلحة الكيميائية، فيتعجب المسؤول العالي من «ردة فعل الأميركيين الباردة» ويلا يتردد بوصف ذلك بأنها «خيبة أمل». إذ بعد أن عرض الفرنسيون «الأدلة المبرمة عن استعمال /محصور/ للسلاح الكيميائي في سوريا» كان جواب الأميركيين «باهتاً»، وبعد إلحاح فرنسي جاءت ردة الفعل الأميركية بأن «هذه الأدلة غير كافية» وجاء التبرير بأن «سلسلة المعلومات غير مترابطة» في إشارة إلى أن العينات التي تثبت استعمال السلاح الكيميائي نقلها صحافيان من سوريا وتم تسليمها إلى السلطات الفرنسية التي قامت بدورها بتسليمها إلى مختبرات متخصصة من دون الأخذ بالاحتياطات اللازمة علمياً خلال نقل العينات بين مناطق الحرب والمختبرات أي في ظروف غير أمينة علمياً.
النقطة الثانية هي استبعاد باريس عن التحضيرات لحل سياسي بشكل عام واستفراد موسكو وواشنطن بوضع تفاصيل وشروط هذا الحل، «خصوصاً في المرحلة التحضيرية» (لقاء المسؤول مع عدد محصور من الصحافيين تم في نفس اليوم الذي كان يجتمع فيه الوفدان الروسي والأميركي في جنيف). ويبدو أن الفرنسيين لم يهضموا بعد لقاء جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف في عاصمتهم للبحث في تفاصيل التحضيرات للقاء جنيف والاكتفاء بعشاء مع وزير خارجيتهم لوران فابيوس… بعد اللقاء.
النقطة الثالثة تنبع من الدور الذي وافق الثنائي الروسي الأميركي على إعطاءه لإيران بدعوتها لمؤتمر جنيف، وهو ما شكل مرارة لدى الديبلوماسية الفرنسية التي حاولت جهدها إبقاء طهران بعيدة عن جنيف ٢، وهو ما تجاوزه التوافق الروسي الأميركي، في حين أن باريس ترى أن «إيران لا تريد الحل السياسي في سوريا».
هذه المآخذ الفرنسية خرجت في يوم تسليط الضوء على دور حزب الله في معركة القصير، وفي يوم اجتماع جنيف التحضيري الذي أقر مشاركة إيران وفي نفس اليوم الذي تناسى فيه الأميركيون التحذير الذي أطلقه رئيسهم من أن استعمال السلاح الكيميائي هو «خط أحمر»، وهو ما استجلب السؤال الصحفي عن «هزيمة الديبلوماسية الفرنسية».
في الواقع لا توجد هزيمة توجد قراءة ضبابية للموقف الأميركي من الملف السوري. إذ أن هذا الموقف الأميركي مبني على ركائز تتجاوز التحالف الغربي الكلاسيكي أمام ملفات الأزمات في العالم. بالنسبة لواشنطن فإن الملف السوري يأتي في مرتبة متأخرة بمقياس العلاقات مع موسكو أو مع الصين في آسيا. كما أن تطور الأمور على الأرض يخدم نوعاً ما الاستراتيجية الأميركية الثابتة على المدى الطويل المبنية على تأمين تفوق نوعي لإسرائيل وإبعاد التهديدات عنها، وهذا ما يحصل مع إضعاف سوريا بحرب أهلية طاحنة.
لكن هذا لا يعني أن واشنطن سوف تتخلى عن سوريا لروسيا ولإيران ولحزب الله. حتى الآن ما زالت واشنطن تراقب وتأمل بالوصول إلى حل سياسي مبني على انتقال للسلطة بعد أن تم إضعاف النظام ضمن شروط مؤاتية لرغبتها بتطويع المنطقة بعد أن ضعفت المعارضة وبعد أن تجزر في المنطقة الشرخ المذهبي… وفي تلك العوامل التي جمعتها الحرب السورية خلال سنتين إفادات متعددة تستطيع أن تستفيد منها «قوة كبرى» ولا تستطيع أن تراها «قوة متوسطة».