- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

الحربقة اللبنانية مضرة بالثورة السورية

Bassam 2013نقطة على السطر
بسّام الطيارة
ما تستهدفه هذه الافتتاحية ليس بارزاً في المقدمة، وإن كانت المقدمات ضرورية لوضع إطار الحدث. لفت انتباهي بيان الجيش اللبناني الصادر بعد «قصف» عرسال من قبل مروحية سورية، جاء فيه أنه «اتخذ إجراءات دفاعية للرد على أي خرق». هذه أول مرة أسمع كلمة «للرد على الخرق» رغم الخروق اليومية للجيش الاسرائيلي. بعد فترة وجيزة لا تتجاوز الساعتين صدر بيان عن رئاسة الجمهورية يوكد «حق لبنان في اتخاذ التدابير الكفيلة بالدفاع عن سيادته وحماية أبناءه…».
هذه التعابير توجز «مشكلة لبنان من ١٩٤٨».
هذا التفاوت في الرد على اعتداء سوري مقابل «آلاف الاعتداءات الإسرائيلية اليومية»، يسمح لحزب الله بأن يقول «لن أسلم سلاحي». هذا الرد البسيط «شكلي» (مثل الحديث عن شكوى للجامعة العربية ومجلس الأمن) يدفع بمؤيدي حزب الله لأن يجاهروا بعدم ثقتهم بالدولة اللبنانية.
والدولة العبرية كما يقال «ملعونة» فهي لم تكتف بترك المواطن اللبناني -الذي يستفذه مثل هذا التفوات- أن يلحظ هذا التباين المفضوح، بل هي عمدت بعد أقل من ساعة إلى «اجتياز السياج الحدودي في محور العباسية» والبقاء في الأراضي اللبنانية لمدة سبع ساعات.
بالطبع لم يصدر أي بيان عن الجيش حول الخرق في الجنوب فهو مشغول بالخرق في الشمال، أضف إلى أنه بات «معتاداً» على الخروقات الإسرائيلية.
إن سياسة «النأي بالنفس» منذ اليوم الأول لإطلاق هذا «التعبير» الذي ينم عن «حربقة لبنانية»، ما هي إلا سياسة ضحك على الذقون. فمنذ إنطلاق شرارة الثورة السورية ولبنان منقسم إلى مؤيد للمعارضة ومؤيد للنظام.
خط الانقسام هذا موجود منذ أن رسم على الرزنامة عام ٢٠٠٥ خطاً يفرق بين ٨ و١٤ من شهر آذار. هذا الخط كان منذ البداية يمتد من جنوب إلى شمال لبنان يتجاوز الحدود ويغوص في الانقسام الإقليمي.
إن ضعف الدولة اللبنانية أمام حزب الله نابع من ضعفها على استيلاد خطاب متجانس ومستقيم على مبدأ ثابت. إن استقواء حزب الله على الدولة اللبنانية مثله مثل استقواء القوى الأخرى مبني على أساس عدم وجود سياسة وطنية. بالنسبة لحزب الله تركت الدولة والجيش اللبناني إسرائيل تعربد في الجنوب ٦٥ سنة (١٩٤٨-٢٠١٣).  بالنسبة للقوى الأخرى تركت الدولة اللبنانية النظام السوري يهيمن على الحياة السياسية ٣٥ سنة (١٩٧٨-٢٠١٣). خلال هاتين الحقبتان المتلازمتان مذا فعل «الطاقم السياسي اللبناني»؟ الجواب «استعمل الحربقة لتخليص ريشه والاستفادة من الظروف». إن منتقدي سوريا اليوم هم من ساعد سوريا على الإمساك بمقاليد بلاد الأرز.
بالطبع خطأ وغير مقبول قصف عرسال.
ولكن هل سمعنا صوتاً واحداً يقول لأهل عرسال انتبهوا «من يدق الباب يسمع الجواب» حين كانوا يدعمون الثوار وراء الحدود السورية؟
بالطبع على حزب الله أن لا يتدخل في سوريا.
هل سمعنا صوتاً واحداً يقول للمعارضة التي جاهرت برغبتها بمحاصرة سلاح المقاومة لا «تحشروا القط في الزاوية».
الثورة السورية مهمة ليس فقط لسوريا ولكن للعالم العربي وخصوصاً للبنان. على الثورة السورية أن تترفع عن «الحربقة والتزلف والميوعة» وتضع أسساً لخطاب متجانس ومستقيم على مبدأ ثابت. عليها أن ترفع صوتها لتعبر عما تنتظره الشعوب العربية من دمشق عاصمة الأمويين عليها أن تقول موقفها الصريح من الصراع العربي الإسرائيلي، عليها أن تشرح خطها من مسألة مسيرة النمو والاستقلال الاقتصادي والنظام التعليمي والمجتمع العربي. على الثورة السورية أن تصدح بأنها «تنبذ السلفيين» وأن سوريا الغد ستكون دولة التعايش وأن المحاكم الشرعية مثلها مثل مراكز حزب البعث مرفوضة.
عليها أن تفعل ذلك أياً كانت النتائج العملية على المدى القصير حتى ولو كان الثمن باهظاً في البداية.
إذا فعلت الثورة هذا. فهي تُسكت حزب الله وتُسكت الأقليات التي تدعم النظام. كما أنها تكسب لبنان وتوسع قاعدتها في لبنان عوضاً عن أن تنقسم كما هو الانقسام اللبناني.
الحربقة والتلاعب على الكلام لا يفيد الثورات. الثورة يجب أن تكون مصقولة بشفافية الماس. الثورة ليست مناقضة للطوباوية، وإلا لما حصلت ثورات سابقة أنارت مسيرات الشعوب والتاريخ.