البولندي تشيبل يقود الأروكسترا اللبنانية نحو عالم الحقائق

بيروت ــ معمر عطوي
في مناخات هادئة أضفت عليها هندسة كنيسة القديس جوزف في بيروت بعداً تأملياً فلسفياً ساهمت في تعزيزه المزايا المعمارية التي أطلقت توزيع الصوت بانسيابية تقنية، عزت الجمعة الماضي فرقة الأوركسترا الوطنية اللبنانية بقيادة المايسترو البولندي فويتشيك تشيبل، مقطوعات منوعة أسرت أسماع الحضور، ووفرت للذائقة اللبنانية نماذج جديدة من الموسيقى الكلاسيكية.
لقد اعتادت الأوركسترا الفلهارمونية اللبنانية، التي تعزف بشكل إسبوعي ومجاناً في قاعة الكنيسة التابعة للآباء اليسوعيين في منطقة الأشرفية، أن تستقبل قادة فرقة موسيقية من مختلف البلدان وبعض العازفين الضيوف، حيث كان هذه المرة الأستاذ البولندي تشيبل وعازف البيانو السويسري تيمون آلتفيغ.
وبمشاركة عدد من أعضاء الفرقة الرائدة في المشهد الفن الراقي في لبنان، تم تقديم باقة جميلة وعذبةً من المقطوعات الموسيقية الرائعة كان أبرزها للمؤلف السويسري هانز هوبر، كونسرت بيانو (أوركسترا رقم 4) تضمنت أربع فقرات قصيرة.
والثانية كانت للروسي سيرغي بروكوفييف، بعنوان The Montagues and Capulets من ألبوم “روميو وجولييت”، أما تشيبل فاختار من أعماله مقطوعة بعنوان  Sequenza. واختار للموسيقي اللبناني وليد غلمية  Duet of two lovers، بينما نصيب التشيكي أنتونين ليوبولد دوفارك، بعضاً من أعماله 3 Slavonic Dances.
ويُعتبر البولندي فويتشيك تشيبل أحد قادة الأوركسترا البارزين في العالم، من الجيل الأوسط. بدأ حياته الموسيقة بتلقي دروس في العزف على الكمان من والده في عمر الخامسة، وفي العاشرة من عمره أصبح عضواً في الأوركسترا All Antico Orchestra   من كراكوف، وحصل على جائزته الأولى في مسابقة الموسيقي الألماني هيربرت فون كارايان، في العاصمة الألمانية برلين.
ومنذ العام 2000 يشغل الموسيقي البولندي مهمة المدير الفني وقائد أوركسترا للأوركسترا الفلهارمونية اللبنانية  في بيروت.
نعم بيروت التي أكثر ما تحتاجه في هذا الوقت العصيب المشحون بالأزمات السياسية والاقتصادية والطائفية، فسحة أمل توفرها قاعة في كنيسة أو مسجد أو جامعة، لخلق مناخات جديدة مختلفة عن السائد تنقل الإنسان نحو اكتشاف ذائقته الفنية المُصادرة، نحو عالم للتأمل، بل عالم الحقائق التي لا يمكن دحضها، برفقة أعظم الموسيقيين العالميين.