- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

نصر الله … سيد جنيف ؟

Najat 2013_2نجاة شرف الدين
كثيرون ترقبوا أن يعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير في 15 حزيران ، عن توقف مشاركة حزب الله عن القتال في سوريا والعودة من القصير الى لبنان ، بعد أن حقق إنتصارا ويكون بذلك قد قلل من الخسائر التي يمكن ان تترتب على وضعه في الداخل اللبناني كما في العالم العربي وحتى الغربي ، إلا أن السيد نصر الله أعلن عن قرار إستراتيجي ببقاء حزب الله في سوريا وليس فقط في القصير الى جانب النظام دفاعا عن الكيان كما قال .
هذا الموقف الذي شكل تحولا في المشهد السياسي وليس فقط العسكري  ، وهو ما إعتبره العديد من المراقبين أنه يورط ليس فقط حزب الله وإنما لبنان في الحرب في سوريا، أحدث أيضا تغييرا في المشهد الدولي والعربي ، فالولايات المتحدة الأميركية ولا سيما الرئيس باراك أوباما ، والذي وضع خطا أحمر وهو إستخدام الأسلحة الكيماوية في المعارك ، أعلن وعبر البيت الأبيض ، أن هذه الأسلحة قد تم إستخدامها ولا سيما غاز السارين ، مما جعله يعيد النظر بموضوع تسليح المعارضة السورية ، مع الأخذ بالإعتبار على أن لا تصل هذه الأسلحة الى منظمات متطرفة وخاصة جبهة النصرة .
هذا الموقف الأميركي والذي حصل بضغط من الجمهوريين ومن بعض الشخصيات المقربة من أوباما وخاصة من الرئيس السابق بيل كلينتون ،  رافقه إبداء الخارجية الأميركية وعلى لسان المتحدثة باسمها قلقها من مشاركة حزب الله وإيران في الحرب الأهلية في سوريا .
وحدها موسكو بقيت متمسكة بموقفها الداعم للنظام وبتحذير رئيسها فلاديمير بوتين  الغرب من تسليح المعارضة وتمسكه بالحل السياسي ، فيما نفى وزير خارجيته سيرغي لافروف أن تكون سوريا قد استخدمت الأسلحة الكيماوية معتبرا إن “النظام يحرز انتصارات على الأرض، وقد اعترفت المعارضة بذلك صراحة” ، متسائلا “أي جدوى يمكن أن يجنيها النظام من استخدام أسلحة كيميائية خصوصاً على نطاق ضيق جداً؟”.
في الجانب العربي ، درست دول مجلس التعاون الخليجي وضع حزب الله على لائحة المنظمات الإرهابية وأتبعتها بتهديد باتخاذ إجراءات ضد مصالح حزب الله والمنتسبين إليه المالية وتحميل الحكومة اللبنانية مسؤولية تبعات تدخل الحزب في سوريا ، إضافة الى منع الخليجيين من التوجه الى لبنان . أما في السياسة فكانت لافتة الزيارة المشتركة لوزير الخارجية السعودي سعود الفيصل والأمير بندر بن سلطان الى فرنسا ولقاءاتهم للمسؤولين الفرنسيين وحثهم على تسليح المعارضة ورفع المقاطعة عنهم والبحث في مساعدة فرنسا لوضع حزب الله على لائحة  الإتحاد الأوروبي للإرهاب بعد ان كان الاتحاد قد رفع المقاطعة عن الأسلحة وسمح بتسليح المعارضة السورية .
أما الموقف اللافت والذي أحدث مفاجأة في الشارع العربي ، فجاء من مصر ، عندما أعلن الرئيس المصري محمد مرسي ، عن قطع العلاقات مع سوريا وإقفال السفارة في القاهرة وسحب القائم بالأعمال من سفارة مصر في سوريا وأضاف في موقف حازم ” نقف ضد حزب الله في عدوانه على الشعب السوري ” . هذا الموقف وعلى الرغم من  إعتباره محاولة من الرئيس مرسي لتعويم نفسه في الداخل المصري نتيجة الدعوات القائمة من قبل المعارضة للتظاهر ، إلا أنه خلط الأوراق مجددا في الشارع المصري  .
أما لبنانيا ، فعلى الرغم من التوتر الأمني والسياسي القائم ، إلا أن دعوة رئيس الجمهورية ميشال سليمان لتقديم شكوى الى مجلس الأمن الدولي ضد سوريا على خلفية خرق السيادة من خلال تنفيذ غارة في منطقة جرود عرسال ، أثارت ردود فعل من جانب القوى الحليفة لسوريا ، داعية الى وقف دخول السلاح والمسلحين من الحدود اللبنانية السورية ووقف القذائف التي تسقط على الهرمل من جانب المعارضة السورية .
دخول حزب الله العلني في الحرب في سوريا ، وصلت تردداته الجانب الإسرائيلي ، الذي يقف متفرجا ومراقبا  ما يحدث ، وبعدما كان مطلبه الأساس عدم وصول الأسلحة الكيماوية الى حزب الله ، أصبح مهتما أكثر ببقاء الحزب في سوريا وإطالة فترة إستنزافه  وإنشغاله في الحرب مع الأصوليات السنية إضافة الى تغذية أي توترات أمنية يمكن أن تبقيه بعيدا عن حدودها .
صحيح أن دخول حزب الله في القصير ، شغل العالم وأحدث تغييرا في المشهد السياسي على المستوى الدولي والعربي ، إلا أن خروجه من هذه الحرب يبدو أنه لن يحصل إلا بتسوية سياسية للملف السوري  ولو بعد حين ، فهل هذا الدخول الى القصير ، سيدخله أو يدخل من يمثله ، أي إيران  ، الى جنيف ؟ وهل يستطيع سيد المقاومة أن يتحول الى سيد جنيف ؟ وحتى ذلك الوقت هل يستطيع الحزب تجاوز الفتنة المذهبية التي بدأت بالتوسع في سوريا ولبنان ؟