بيروت – ديانا الزين (خاص)
«من قلب المعاناة»، عبارة تتردد دائما في كواليس الحزن، والحرب، والألم مهما كان نوعه. ومن يعاني يقول لك دائما العبارة التالية: «أنت لا تعرف معاناتي، ولا تشعر بألمي». هذا هو لسان حال أهالي المخطوفين في أعزاز. أهالي المخطوفين في أعزاز يقولون «ممرنا بمعاناة مدتها سنة وعشرون يوما، عانينا فيها ما عانيناه». ،هم يسروا لـ «برس نت» كيف دفعت تحركاتهم الأتراك للتفاوض.
أدهم زغيب، ابن المخطوف المختار علي زغيب، يخبرنا عن كيف انقلبت حياته…وحياة الآخرين رأساً على عقب بعد عملية الخطف: “تعطلت أعمالنا، الوقت تغير، لم يعد هناك من توقيت نتبعه، لا يمكننا النوم وأعز انسان لدينا بعيد عنا لا يغمض له جفن ، وهو أسير يتكل علينا» .
أولاد الحاج الصغار أعمارهم تدور حو العاشرة وبعض السنوات، وقد أثر غياب الوالد على تحصيلهم العلمي، حمزة (١٠ سنوات) يقول «لو بامكاني أن أحرق الدنيا لأعيده لفعلت».
وقد عانى الأهالي في بداية الخطف من الاختلاف في الأراء بين من يريد الحل السلمي ومن لا يريده، وبين من هو مع خطف المضاد ومن هو ضده. وبالرغم من ذلك ، فقد وصلوا في نهاية الأمر الى تناغم، سببه قضية واحدة وهدف واحد.
ويلوم ادهم الأحزاب:«لأنهم أرادوا إقامة منبر سياسي عبر تلك القضية،و قد شاركت بعض الأحزاب ببعض الزيارات ، لا اكثر ولا اقل». والده في الستين من العمر ووضعه الصحي حرج، وينهي ادهم بالقول: «اذا تدهور وضع الوالد الصحي، فكثيرون سوف يتحملون النتائج».
أما ام علي أرزوني، زوجة المخطوف حسن أرزوني، فهي تعاني من :«قلق دائم، وخوف من عدم عودتهم». تقول: «لم اعد اعرف الوقت، وقتنا يحصى بعدد الساعات التي نقضيها في الأعتصامات» تتردد قليلاً وتكمل «وعودتنا في اخر النهار لمشاهدة الأخبار، ومعرفة مدى تاثير الخطوات على عودة المخطوفين». تقول:« ابنتي تراجعت في مدرستها، واصبح شغلها الشاغل ان تكتب أشعارا لوالدها تناجيه وتنتظر عودته».يعبق وجه ام علي حزناً عندما تستطرد: «هيدا سند الضهر وصرنا من دونه ،شو بدي قلك؟».
عائلة جميل صالح تتكلم أيضا عن معاناتها، فيذكر سعيد صالح تضحيات والده الذي عاني ما عاناه في الحرب ويقول: «الوالد ترك لنا كل شيء، وقد عانى في الحرب مما جعل صحته ضعيفة». ويتابع سعيد بانهم مستعدون للتضحية بحياتهم من أجل والدهم الذي يعتبرونه مثالهم الأعلى. وهم يعانون من أحاسيس متناقضة، فهم يحسون بالذنب أحياناً، وأحيانا أخرى بالأمل. بالذنب خوفا من التقصير بإضاعة أية لحظة بامكانها أن تكون ثمينة وتعيد الغالي الى دياره». يقول «حتى المرض نسيناه وأعمالنا أصبحت رهينة للأعتصامات وألأجتماعات بين الأهالي».” سعيد صالح خائف لأن :«الوالد صحته ضعيفة، واخشى عليه ما اخشاه». الابنه زينب صالح، تروي حادثة ووقوع والدتها بعد الخطف: فتقول: «الوالدة أصرت بالرغم من إنذار الطبيب على النزول الى الأعتصامات، وحالة رجلها المصابة تزداد سؤا».وقد اضطرت إلى التفكير بـ«إقفال فرن الوالد…» ولكنها تعترف بأنه «صلة الوصل الخفية مع والدي» وتضيف «ننتظر عودته ليستلمه ويرتاح».
حسن صالح يصف الوضع العملي الآن فيقول «كنا امام خيارين: أن نقف مكتوفي الأيدي وننتظر، أو أن نعتبرها مرحلة تحدي وبانها إرادة الله وعلينا ان نتعامل معها». يكمل«فتبعنا الخيار الثاني، كنت اذهب الى عملي، ثم اعود لأتابع مجريات الأمور».
يعتبر الخطوات التي قام بها الأهالي «ناجحة فقد عبرنا كل الخطوط الشائكة من دون أن نضر بأحد ومن دون أن نقارب الطائفية او أي خطوط حمراء. تعاملنا مع الشارع بهدوء، ولم يكن ذلك بسهل .كنا نجتمع دائما لنخطط، ونتفق على كيفية التصرف». ويضيف «لم يستطع أي من الخاطفين أو المحرضين اخذنا الى أي إطار نحن لا نريده، كنا نسير بين النقاط ونتعامل مع بياناتهم وصورهم وتصريحاتهم بكل منطق وهدوء». ويرى حسن أن «العالم تخلى عنا وعن قضيتنا، كنا نصارع بدموعنا وقوة اعصابنا، وما زلنا»، ويشكو من أن «احد التياراتوصل به الأمر لاتهامنا بأننا لسنا اهالي المخطوفين بسبب التكاتف والصبر الذي كان يميزنا».
لم تنته معاناة الأهالي، لكن خيطاً ابيضاً قد بان من الخيط الأسود، فهم قد عادوا الى بيوتهم، بانتظار المفاوضات التي يديرها مع الخاطفين المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم. وحسب مجريات الأمور، يبدو انها تسير على ما يرام.لكن ألأهالي وكأنهم قد فقدوا القدرة على الصبر فيقولوا«إنهم لم يجدوا أحداً من اللبنانيين ليقف بجانبهم».