- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

ساطع نور الدين كان صريحاً… أما المضربون فـ…

Bassam 2013بسّام الطيارة
نقطة على السطر
يتفق أهل الصحافة على أن «الحدث يخلق الخبر». قبل يومين وبعد نشر افتتاحية الزميل ساطع نور الدين، في موقع «المدن» تداخلت الأمور بين خبر وحدث، وغاص كاتبو الأخبار الزملاء الصحافيون العاملون في «المدن» في بحيرة الأحداث فأضربوا ليخلقوا خبراً شغل المواقع الاجتماعية واستولد تعليقات من كل حدب وصوب.

الاضراب حق مطلق مكرس لكل من يرى أنها الوسيلة الوحيدة للاحتجاج على مسار لا يراعي إما مصالح المُضرِب أو لا يوافق مبادءه. الإضراب في الواقع هو «سلاح الضعيف أمام القوي».

احتجاج الزملاء جاء على خلفية مقالة لرئيس تحريرهم. لكن من حيث المبدأ رغم أن الإضراب حق مقدس، إلا أن اضراب صحافيي المدن جاء في غير محله هذه المرة، وذلك لسببين أولهما ظاهر وثانيهما مستور.

الظاهر والبديهي أن المسألة تتعلق بمقالة رأي وإن جاء في صيغة افتتاحية. فكيف يسمح زملاءنا الصحافيون لأنفسهم بـ«قمع» رئيس تحريرهم والإضراب.
أن يرى نور الدين بأن «قطر تعيش ربيعاً عربياً» بمجرد أن الأمير قرر التنحي، فهذا حقه ووجهة نظره ولا يستطيع أحد أن أن يلومه على حملها. كما لا يستطيع أحد أن ينتقد رأيه حين يرى أن انتزاع الحكم من والد الأمير الحالي “لا يكن ذلك لشهوة السلطة بل لتطبيق رؤيا في تحديث وتطوير”، فإن في ذلك تبرير «ثوروي» لكل الانقلابات في القصور وخارجها.  ومن حقه أيضاً أن يحمل موقفاً سياسياً حين يرى أن قطر تدعم الشعوب العربية وثوراتها.
كان أحرى بالمضربين أن يكتبوا رأيهم وينشروه في المدن، وفي حال قمع رئيس تحريرهم الكتاب أو فرض رقابة، عندها سيكون من حق الجميع إعلان إضراب فوق السطوح وفي المواقع الاجتماعية. عندها يصح ما كتبه ياسين الحاج صالح «أظنها سابقة في الصحافة العربية… سابقة مشرفة» وأن ينهي تعليقه بـ «برافو شباب».
سبب آخر يدفع بهذا الاضراب إلى حلقة العجب والتعجب هو أنه يبدو وكأنه رسالة من الزملاء الصحافيين إلى عالم الصحافة في بيروت وفي العالم العربي وللمتابعين بأنهم «فوجئوا بمصدر تمويل الموقع»، أي أن إضرابهم هو «رفع عتب». رغم أن الفضاء الصحافي عبق بمسألة تمويل قطر لهذا الموقع، أضف إلى أن المقالات المنشورة عبرت وتعبر للمتابعين عن الخط الذي قام عليه الموقع.
المضربون يتذاكون بمحاولة «الاستفادة من فرصة الافتتاحية» لتنظيف ذمتهم الصحافية، مع العلم بأن معظمهم عمل في مؤسسات تمولها جهات تتوافق أو تتناقض سياستها مع قطر. فإذا كان انتقالهم من تلك المؤسسات لأسباب سياسية يكونون قد انتقلوا إلى ضفة تتوائم مع رغباتهم. أما إذا كان لحاقهم بـ «المدن» لأسباب مادية فلمَ التأفف؟.
يقول قائل من المضربين: الإضراب ليس بسبب التمويل ولا خط الموقع بل بسبب «الانبطاح» الذي بدا جلياً في الافتتاحية وهو ما يصيب جميع العاملين في الموقع. المراد من وراء هذه الحجة الواهية هو «نعم للقبض ولا للانبطاح»، أي «انبطاح في السر وقبض في العلن»… وكأن القطري يموّل لسواد عيون الصحافيين.
ساطع نور الدين كان صريحاً. وكتب رأيه في افتتاحية موقع كان وراء تأسيسه شخصياً وبالتالي تحمل مسؤولية ما فعل ثم مسؤولية ما كتب وتحمل مسؤولية علاقتة مع قطر.
فعلى الزملاء تحمل مسؤولية وجودهم في هذه المؤسسة الإعلامية مع كل ما قيل عنها وما يقال عنها. حسابهم يكون في ما يكتبون وينشرون، وليس في ما يحاولون فرضه من نظريات لا تتطابق مع ما هم فاعلون.