- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

المعارضة السورية: بين درج الإليزيه ودرج الكي دورسيه

نقطة على السطر

بسّام الطيارة

استقبل وزير الخارجية الفرنسية ألآن جوبيه رئيس المجلس الوطني السوري برهان غليون قبل أيام، وتحدث الأثنان بعد اللقاء على درج «الكي دورسيه» في محاكاة لما يحصل مع الرسميين الذين يزورون القلب النابض للديبلوماسية الفرنسية على ضفاف السين. بالطبع يكتسب هذا اللقاء أهمية قصوى مقارنة بلقاء على درج «مسرح الأوديون» في العاشر من الشهر الماضي قبل أن تحيط هالة اللقاءات في عواصم العالم بالمجلس الوطني وتعطيه بعداً دولياً بغياب اعتراف الدولي صريح.
مسألة الاعتراف بكيان «ثوري» مسألة مهمة جداً في العلاقات الدولية وتأخذ بالحالة السورية معان متعددة بعد «الحالة الليبية» حيث سبق الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي في باريس من على درج الإليزيه أي لقاء بين الليبيين الثوار وأي جهة دولية أخرى خصوصاً الجامعة العربية التي بانت في وحينها وكأنها «تسجل ما كتب في باريس»، وزاد من الطين بلة دخول شخصيات مثل الفيلسوف المناضل برنار هنري ليفي في الصورة، وهو ما قاد لشعور ترك طعم مرارة لدى العديدين. ألآن جوبيه كان بين هؤلاء الذين انتقدوا إقحام برنار هنري ليفي في«الديبلوماسية الإعلامية الرنانة»، وسجل امتعاضه بابتعاده عن الملف الليبي. كان «ينظر في اتجاه آخر» كما ذكر لي أحد الديبلوماسيين.
يختلف الأمر كثيراً في الحالة السورية فجوبيه يمسك بحزم هذا الملف ويديره بشكل ديبلوماسي بعيداً عن الإعلام الطنان وبروية ومهارة دون أن يمنع هذا الانتقال التصاعدي من مرحلة إلى أخرى. فجوبيه الديبلوماسي والسياسي المقرب جداً من الأوساط العربية منذ أيام الديغولية والشيراكية يعرف كافة أبعاد الحالة السورية وتشابكاتها مع ملفات المنطقة المعقدة أصلاً. ويدرك أيضاً قدرة النظام السوري على دفع «أعداءه نحو الخطأ» ويعرف جوبيه بأن الخطأ هو «ترك النظام ينتصر إعلامياً» على المجلس الوطني وإظهاره «ربيباً للغرب وللقطريين» ما يربط صورته بصورة الحالة الليبية.
يفسر هذا مسألة «عدم الاعتراف المبرم والرسمي بالمجلس» رغم أن هذا المجلس، كما قال جوبيه أمام برهان غليون، «هو محاورنا الأول». إلا أن جوبيه طعّم حديثه أمام الصحافيين بإشارت عدة تدعو المجلس للانفتاح على «أطياف المعارضة الأخرى» ولون هذه الإشارات بعدد من التمنيات بأن يكون المجلس «إشراكياً لأقصى حد».
الاعتراف بالمجلس الوطني السوري آتٍ لا محال ولكن سوف يصدر هذه المرة من القاهرة من مركز الجامعة العربية قبل صدوره من باريس. الديبلوماسية الفرنسية اليوم لن تندفع هوجاء كما فعلت في الحالة الليبية. فالنظام السوري يستعمل الأخبار الآتية من ليبية كـ«فزاعة إعلامية» يوجهها للداخل كما للخارج، وتبدو عمليات القمع في الداخل السوري كسباقاً إعلامياً محموماً بين أخبار الفوضى والعنف على الساحة الليبية وبين التأني في معالجة الحالة السورية في الخارج.
أفضل ما يمكن للمجلس الوطني السوري أن يفعله اليوم هو زيادة اللحمة بين كافة أطياف المعارضة ووتوسيع قاعدة المشاركة في القرارات حتى يكون بالفعل وليس فقط بقول الديبلوماسية الغربية أو الفرنسية «ممثلاً للشعب السوري»، تماماً كما قال جوبيه بكلمات ديبلوماسية مبطنة. عندها يستطيع المجلس أن يطلب من المجتمع ما يشاء وأن يذهب بعيداً إلى الحد الذي يراه في مصلحة شعبه، ولن يقف في مواجهته عند ذلك سوى … أزلام النظام.