- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

الشعب اليمني فاسد!

yemenجمانة فرحات
هل الشعب اليمني بأكمله فاسد؟ هل لا يوجد في هذه البلاد، التي تضم أكثر من ٢٥ مليون نسمة، كفاءات يليق بها تولي المناصب الادارية في الدولة للنهوض بها من حالة التردي التي تغرق فيها؟ أسئلة لا بد أن تتبادر إلى ذهن المتابع للشأن اليمني، وهو يرى كيف أن الرئيس اليمني الانتقالي، عبد ربه منصور هادي، لا ينفك يملأ، بمؤازرة حاشيته، المناصب الادارية في الدولة بمن يتهمهم أهل اليمن بعدم الكفاءة، على اقل تقدير، أو الفساد واستغلال النفوذ.
المسألة بكل تأكيد لا ترتبط بغياب الكفاءات التي يعج بها اليمن، ولا ترتبط أيضاً بانعدام حيلة الرئيس في احتكامه إلى أصحاب الكفاءات، بل المسألة تنحصر فقط في غياب مثل هذه الارادة لدى هادي، مع ما تعكسه من منهج تفكير، ليس أقله أن الرئيس الانتقالي لا يزال مقتنعاً إلى اليوم أن ارتقاءه من منصب نائب رئيس لا يعرف به أحد إلى رئيس للدولة، لم يتم بسبب ثورة شبابية قدمت فيها أغلى الدماء، إنما تم بفضل مجموعة من كبار الفاسدين الذين احتكروا الشراكة مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح وكانوا أول من قفز من سفينته ليحكموا قبضتهم على الثورة ويأسروها. ولذلك لا يتردد هادي في الاعراب عن جزيل امتتانه لهؤلاء بالانصياع إلى أوامرهم، واغداق المناصب في الدولة إلى من يرتأون أنه الأكفأ وفقاً لمعاييرهم. وهي المعايير التي لا تمت بأي صلة للدولة المدنية التي خرج المحتجون إلى الساحات منادين بها عندما ظنوا يوماً أن لاحتجاجاتهم صدى وقدرة على التغيير.
آخر الفضائح التي تشغل اليمنيين اليوم قيام هادي بتعيين شخص يدعى جبران باشا وكيلاً مساعداً لمحافظة إب للشؤون المالية والإدارية. والأخير وفقاً للمعترضين ليس سوى أحد شيوخ محافظة إب المتهمين بالتورط في عمليات قتل، فضلاً عن انتهاكه لحقوق الانسان وبناء سجون خاصة.
فضيحة أخرى مدوية كان اليمنيون على موعد معها قبل أيام، عندما عرض الصحافي اليمني، محمد عبده العبسي، المتخصص في كشف وثائق حول الفساد في اليمن، رسالة وجهها الشيخ النافذ، صادق الأحمر، إلى هادي يوجهه فيها بتعيين شخصييتين هما أمين أحمد صادق كزمة وعارف عسكر أبو شوارب كولاء مساعدين في محافظة عمران والحديدة.
سلوك بالتأكيد لم يكن الأحمر، بما يمثله من نفوذ سياسي للمشائخ القبليين، ومن خلفه هادي الذي ظهر في الوثيقة بمظهر المؤتمِر/ المرؤوس وليس الآمر/ الرئيس، ليقوما بالتمادى فيه لو لم  تكن الطبقة السياسية والقبلية في اليمن مطمئنة أكثر من أي وقت مضى إلى استغراق اليمنيين في سبات ثوري.
فمنذ التوقيع عن المبادرة الخليجية وتنحي علي عبد الله صالح، بدا ان كل ما نجحت فيه الاحتجاجات لم يكن سوى تغيير عدد من وجوه النظام، فيما نجحت وجوه أخرى في الحفاظ على مواقعها بل وتعزيزها، مستفيدةً من تراجع الزخم الاحتجاجي، وانتقال المعارضة إلى المشاركة في الحكم.
المحتجون يتراجع دورهم بشكل تدريجي، وخصوصاً بعدما كشفت الأزمات المتلاحقة التي يئن تحت وطأتها اليمن، عمق الاصطفافات الحزبية للكثير منهم. فباتت مواقفهم من مجريات الأحداث والأخطاء المتوترة تتخذ بناء على مدى تورط أحزابهم بها. أما المستقلون، فكثير منهم يبدو أن اليأس قد تسلل إلى قلوبهم وهم يرون قدرة رجالات السياسية على سرقة كل منجزات الثورة وتجييرها لصالحهم، حتى بات هؤلاء لا يترددون في التساؤل وبمطلق الجدية عن حقيقة وجود ثورة في اليمن.
وضع سهّل الوصول إليه وجه المعارضة الأبرز، تكتل اللقاء المشترك. الأخير تحول، منذ التوقيع على المبادرة الخليجية والمشاركة مناصفة في حكومة الوفاق الوطني، إلى شريك رئيسي في تعزيز منظومة الفساد في البلاد عوضاً عن الحد منها، وبات يتهم من قبل الناشطين والمتابعين بأن صوته لا يعلو اعترضاً على هذا التعيين او ذاك، إلا في حال لم تراع حصة له في مبدأ المحاصصة، الذي بات يتكفل بكل وظائف دولة حلم اليمنيون يوماً أن بامكانهم اعادتها إلى مسارها الصحيح بينما تثبت مجريات الأحداث أن الطريق لا يزال طويل جداً.