- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

سنودن يضع أوباما في مأزق استراتيجي

Harold BFM TVهارولد هيمان

لنسمي الأمور بأسماءها ما فعله إدوار سنودن هي «فضيحة تجسس أميركية»، وقد بدأت تأخذ أبعاداً استراتيجية متعددة وتتطور بمراحل متتالية.
المرحلة الأولى هي لـ«السخط المتحضر»: أولاً نشرت الغارديان التسريبات حول وضع اليد على المعلومات الشخصية للهواتف. وبعد ذلك كشفت مع صحيفة واظنطن بوست مسألة الاطلاع على مخزن معلومات عمالقة الأنترنيت وللتنصت على مراسلات المتصفحين ومستعملي المواقع الاجتماعية، ما سلط الأضواء على برنامج «بريسم» شبه السري للتجسس والذي أسس له جورج بوش وأعيد تجديده في العام الماضي.
كل هذا دفع بالرئيس أوباما للحديث عن «تسوية ضرورية» للتوازن بين الحياة الشخصية والأمن، وهو ما أنهى مرحلة السخط لدى المواطن الأميركي.
المرحلة الثانية هي مرحلة هروب سنودن نحو هونغ كونغ ومعه «وثائق سرية» وكشفه لهويته وإعطاءه مقابلة خاصة لناشط أميركي هو الصحفي «غلين غرينوالد» الذي نفر من الصحافة الأميركية ويتعاون مع صحيفة غارديان البريطانية ويعيش في …البرازيل. مجرد اختيار هذا الصحفي هو تحد للصحافة الأميركية.
وقد أثبتت المقابلات أن سنودن كان أمام «حالة تمرد ضميره» من مسألة التجسس على ٢٠٠ مليون أميركي بواسطة «شفاطة المعلومات» بريسم، وهو ما يسمح بتهديد حياة أي مواطن أميركي.
بعد أيام وجه القضاء الأميركي تهم رسمية لسنودن وطالب باسترداده من هونغ كونغ وروسيا التي حط فيها لاحقاً، وانضم كل من جوليان اسانج وويكيليكس لداعمي سنودن ولحقه في لجوء حر.
المرحلة الثالثة سلطت الضوء على أن الولايات المتحدة تتجسس على أصدقاءها، وهي معلومات نشرتها «دير شبيغل» الألمانية ما يدل على أن سنودن قد «وزع وثائق» لعدد من الوسائل الإعلامية زيادة في الحرص على سلامة وصولها للرأي العام. تدل الوثائق على أن وكالة الأمن القومي تتجسس على فرنسا وإيطاليا واليونان والاتحاد الأوروبي في السفارات وفي داخل قاعة اجتماعات الوزراء الأوروبيين في المركز الأساسي للمفوضية الأوروبية في بروكسل. ومن أين؟ من مركز الحلف الأطلسي في …بروكسل. فقد أميركا ماء وجهها.
المرحلة المقبلة التي تبدأ بعد أن ربح سنودن معركة. هو الأن في مطار موسكو وفلاديمير بوتين يسمح له أن يتكلم من قاعة الترانزيت. الإكوادور مستعد من حيث المبدأ لاستقباله. ويجد المسؤولون الأوروبيون أنفسهم في وضع حرج جداً. وبالطبع سوف تنعكس هذه الحالة على مفاوضات التبادل التجاري بين العملاقين. كل هذا لأن المخابرات الأميركية أرادت أن تحصل على ميزات في التفاوض. قد يكون الأوروبيون قد فعلوا نفس الشيء، إلا أن الأميركيين ضبطوا متلبسين بالجرم، بسبب أميركي يعتقد أن الاستقامة والأمانة هي صفات أساسية. بالطبع يتبين أن ثمن الغش أغلى بكثير من كل الميزات التي يمكن ربحها من التجسس. لقد فقدت الدولة الأميركية مصداقية ويلزمها الكثير لإعادة الثقة بها.