- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

لا تصفيق للانقلابات

coup d'Etatنقطة على السطر
بسّام الطيارة
إنه انقلاب. لن نصفق لانقلاب أطاح بأول رئيس جمهورية مصري وصل عبر صناديق الاقتراع إلى قصر عابدين. صورة قائد الجيش محاطاً بخصوم محمد مرسي من شيخ الأزهر إلى بابا الأقباط مروراً برؤوس المعارضة، لا تفيد في تطوير العمل السياسي في العالم العربي والإسلامي.
فقط يصفق لمثل هذه الصورة من يقارن بين ثورة ٢٣ تموز/يوليو ١٩٥٢ التي أوصلت الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وبين حركة عبد الفتاح السيسي الانقلابية. عبد الناصر أطاح بسلالة ملكية استعبدت الشعب المصري وعاثت فساداً في مصر لقرنين مبذرة ثروات بلاد النيل. السيسي يطيح بأول فرصة لممارسة ديموقراطية ويقطع طريق تداول السلطة بين المعارضة والحاكم. ومن هنا ليس غريباً أن تكون المملكة العربية السعودية أول المصفقين لهذا الانقلاب.
ما فعله محمد مرسي منذ وصوله إلى سدة الرئاسة مدان من عدة نواحي. فهو استعمل السلطات التي حصل عليها بمجوب الدستور لتغيير الدستور، وفرض تغييرات على الحياة الدستورية والقضائية بشكل تعسفي. مع ذلك كان القضاء المصري يعمل وينتقد ويصحح قرارات الرئيس المنتخب ضمن شروط اللعبة الدستورية.
حاول مرسي والإخوان المسلمين تغيير نمط الحياة الاجتماعية المصرية حسب منظور ضيق لا يأخذ بالحسبان تنوع مجتمع مصر، إلا أنهم لم يحاولوا إلباس نساء مصر البرقع أو الحجاب ولم يرسلوا «المطاوعة» لإجبار الرجال على التوجه للمساجد في أوقات الصلاة، أضف إلى أن المجتمع شباب وشابات كان يقاوم علناً هذا التوجه الإسلامي المتزمت.
حكومة مرسي حاولت لي ذراع الثقافة المصرية المنفتحة، مع ذلك شهدت مصر أكبر حركة ثقافية من انطلاق ما يسمى بالربيع العربي وتيار جارف من المهرجانات التي كان منظموها يقاومون «فرمانات» وزير الثقافة.
مع ذلك حصل انقلاب بدل من انتظار المهل القانونية. لن نصفق للانقلاب لأنه سيدفع بالإسلاميين إلى استخلاص نتيجة واحدة «صناديق الاقتراع لا توصل إلى الحكم»، وبالتالي سوف ينكفئ الإسلام المناضل نحو الظل نحو العمل السري نحو الظلمات لينتج «جبهات نصرة» تدعو للعنف وتكفر بالسياسية والسياسيين.
من الآن نستطيع أن نتصور شيخاً ملتحياً يجلس في زاوية جامع في بلد عربي إسلامي وقد تجمع حوله نفر ممن رماهم العطش للدين أو الفقر أو الفراغ وهو يقول بسخرية «لا تصدقوا من يدعي الديموقراطية أنظروا إلى ما حصل في مصر… تذكروا الجزائر…» بين هؤلاء المجتمعين حول الشيخ من سيحمل يوماً ما حزاماً ناسفاً أو ينحر من يعتبره …ديموقراطي أو كل من هو غير مطيع لمنظوره الضيق.