- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

الحرب والإهمال أسّسا لنجاح اللبنانيات

بيروت- خاص «أخبار بووم»

في ما يشكّل بارقة أمل صغيرة في محيط ازدادت فيه نسب البطالة والجريمة، وسيطرت على أبنائه وبناته كآبة سياسية واقتصادية واجتماعية، قدمت الباحثة اللبنانية نهى بيومي دراسة عن الشابات اللبنانيات واصرارهن على اثبات ذواتهن من خلال تصميمهن على التعلّم والمساهمة الفعالة في مجتمع بات يعتمد، بشكل متزايد، على مشاركة المرأة في صنع حاضره ومستقبله.
فقد نشرت صحيفة “السفير” اللبنانية دراسة لأستاذة النقد الأدبي والثقافي ودراسات المرأة في الجامعة اللبنانية، الدكتورة نهى بيومي، تحت عنوان “تجربة النجاح المهني والمالي لدى الشابات اللبنانيات”، معتبرة أنها قدمت “صورة مشعة عن شريحة من اللبنانيات، تمكنّ بفعل المثابرة والإيمان بالذات، من أن يصنعن لأنفسهن مكاناً في المجتمع”.
وأشارت الصحيفة الى أن بيومي انطلقت في دراستها الميدانية، التي موّلها “المجلس الوطني للبحوث العلمية”، من مسألتين أساسيتين، هما أن الحرب الأهلية اللبنانية “أحدثت تغييرات ثقافية، اجتماعية واقتصادية، كان من نتائجها تشدّد الأهل المتعلّمين في تأمين أوضاع بناتهم من اهتزازات الوضع الأمني والاقتصادي في لبنان عن طريق التعلّم في أفضل المدارس والجامعات الخاصة”. أما المسألة الثانية، فاعتبرت السفير أنها تقوم على اعتبار أن الدولة اللبنانية “تباطأت في إعطاء المرأة الحقوق كاملة، وفوّضت شؤونها الأسرية إلى طائفتها، وغُيّبت عملياً عن السياسة”. وأضافت ان هذا قد يكون السبب في هجر النساء للسياسة وعدم المراهنة عليها، “بل تعلّمن الاتكال على أنفسهن والاهتمام ببناء قدراتهن، حتى صرن بارزات علمياً وثقافياً ومهنياً كأفراد وليس كجماعات ضغط إلا في ما ندر”. 
وعزت الباحثة انحياز الشابات إلى الأعمال الحرّة، واختيارهن العمل في مؤسسات دولية وخاصة، الى “الثقافة الذكورية السائدة، ولا سيما في مستوى التشغيل والأجور، بالإضافة إلى قوانين العمل والأحوال الشخصية”.
وفي معرض تقصي أسباب النجاح المهني والمالي لخمس عشرة شابة في العشرينات والثلاثينات وست سيدات في الأربعين والخمسين من العمر، وجدت بيومي، وهي عضو في تجمّع الباحثات اللبنانيات، أنها تعود إلى ثلاث مؤسسات: الأسرة والمؤسسات التعليمية ومؤسسات العمل.
وأوضحت أن “علاقتهن بالسلطة شكلت عاملا من عوامل نجاحهن المهني والمالي”، إذ ليس لديهن “مشكلة مع السلطة عموماً ويتعاملن مع رموزها براحة، من دون قلق على مركزهن ومالهن وموقعهن، كما أنها لا تشكل تحدياً لكفاءاتهن”.
وبحسب “السفير”، خلصت الدراسة، التي قسمّت إلى سبعة أبواب، عنوانها الرئيسي المال، الى أن أولئك الشابات لا يعشن “الخوف والتردد من هويتهن الأنثوية، وأنهن قادرات بدعم كبير من أهلهن على إثبات ميولهن وقدراتهن، لكنهن لم يتمكنّ بعد من قلب ذكورية الأعمال على الرغم من تموضعهن في قلب الحركة الاقتصادية”. ولفتت إلى “أنهن أكثر طموحاً من أهلهن، علماً بأن تفضيل الأهل أولادهم على أنفسهم أنتج هذه النماذج من الشابات الناجحات. لذلك نرى أن دور الأخلاق كبير في نجاحهن”.
ونقلت الصحيفة عن بيومي تأكيدها أن “نظام القيم الموروثة يتعرّض للتحولات في لبنان، وهو ما زال بعيداً عن التشكّل النهائي، بل هو في مرحلة التوتر والتراوح والتجديد في الوقت نفسه، حيث ان الانتماءات المتعددة حاضرة: الهوية الاجتماعية والتفاوض على الفردانية”.