- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

ليلة القبض على ” الإخوان ”

Najat 2013_2نجاة شرف الدين

لم يكن أحد ليتوقع سقوط الرئيس المصري الإخواني محمد مرسي بهذه السرعة ، نتيجة التظاهرات التي حصلت في الثلاثين من حزيران  ،  ولم يكن أحد ليتوقع هذا الحشد الجماهيري غير المسبوق الذي شهده ميدان التحرير والمنطقة المحيطة ، كما أن أحدا لم يتوقع القرارات التي إتخذها الجيش المصري بقيادة وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي ” الإخواني ” بإعطاء مهلة ثمان وأربعين ساعة للرئيس مرسي من أجل التنحي ، ومن ثم عزل الرئيس وإعطاء صلاحيات الرئاسة لرئيس المحكمة الدستورية عدلي منصور وإلقاء القبض على بعض قادة الإخوان المسلمين بموافقة الأحزاب والقوى السياسية المعارضة وعلى رأسهم حركة ” تمرد ” الشبابية ، ومحمد البرادعي وبحضور البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية ، وشيخ الأزهر أحمد الطيب .
هذا الإنقلاب العسكري كما أسمته بعض الصحف ووسائل الإعلام الغربية ، أحدث هزة ليس على المستوى المصري فحسب بل في العالم العربي كما في العالم ، وتراوحت التحاليل بين من إعتبر ما حصل هو وضع يد الجيش على السلطة وبالتالي هو إنقلاب على سلطة منتخبة شعبيا ، الى من رأى أن الشرعية تستمد من الشعب وبالتالي فالملايين التي حضرت الى ميدان التحرير ولم تغادره قبل سقوط مرسي ، أعطت الشرعية لهذه القرارات ، وصولا الى إعتبار أن ما حصل بداية تراجع حركة الإخوان المسلمين الذين فشلوا في تجربة الحكم وبسرعة ، وسينعكس ذلك على موقع الإسلام السياسي .
هذه التحاليل وغيرها توقفت أيضا عند المواقف العربية والدولية مما حصل ، لا سيما الموقف الأميركي والذي شبهه المراقبون بالموقف بعد ثورة 25 يناير 2011 ، أي المفاجئة والإنتظار للتعليق على الأحداث ، وهو ما عكس غموضا وترددا خاصة لجهة بعض التصريحات الأولية التي صدرت عن مسؤولين في الخارجية وإعتبرت ما حصل إنقلابا وتريثت بقبول العزل ، كما كان لافتا الموقف العربي الأول الذي صدر عن الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز الذي كان أول المهنئين لمنصور بمنصبه الجديد ، وهو ما إعتبر تحولا في الموقف السعودي من مصر الإخوان مقابل صمت قطري ، وتوالت بعدها المواقف المهنئة للرئيس الجديد باستثناء تركيا التي رأت وعلى لسان رئيس وزرائها رجب طيب أردوغان في ما حدث إنقلابا عسكريا ودعت الى عودة مرسي .
في الشارع المصري ، بقيت الساحات المتقابلة ما بين ميدان التحرير وميدان رابعة العدوية حاشدا ، ورفض الإخوان عزل مرسي ودعوا الى النزول والمطالبة بعودة رئيسهم وحاول مرشدهم محمد بديع بث الحماسة فيهم من خلال خطابه في الميدان يوم الجمعة في الخامس من تموز عبر تأكيده على أن شعب مصر سيظل محافظا على ثورته، وسيظلوا في الميادين حتى عودة الرئيس محمد مرسي إلى منصبه، والانقلاب العسكري باطل، ومصر لن تعرف حكما عسكريا بعد الآن.
هذا الكلام تبعه تحرك من جمهور الإخوان من رابعة العدوية باتجاه الميدان المقابل في التحرير في الليلة نفسها ، وحصلت إشتباكات على جسر 6 أكتوبر كما في العديد من المحافظات وسقط ضحايا بالعشرات  بين قتيل وجريح ، وإنتهت المعارك بين الساحات مع تدخل القوى الأمنية وأجبرت مؤيدي مرسي على العودة الى ساحتهم، وإستكمل المجلس العسكري خطواته التي أسماها بخارطة الطريق عبر إلقاء القبض على عناصر وقيادات الإخوان وعلى رأسهم النائب الأول لمرشد الجماعة خيرت الشاطر وإتهامه بالتحريض على القتل .
هذا المشهد المصري الذي أدهش العالم ، بدأ برسم مرحلة جديدة سيكون لها ترددات ليس فقط في الداخل المصري بل ستمتد الى المحيط العربي ، وهي بدأت داخليا مع الإعلان عن إنشقاق   قيادات طالبية في جماعة “الإخوان المسلمين” و تأسيس “جبهة أحرار الإخوان” بهدف مطالبة قيادات الجماعة بإعطاء فرصة للشباب بمغادرة الاعتصام الجبري لبعض الأعضاء في رابعة العدوية ، وهو مؤشر على تراجع المواجهة الإخوانية ، ولو مرحليا ، بانتظار تغييرات يمكن أن تعيد في حساباتهم السلطوية ، فهل تكون ليلة القبض على الأخوان بداية عودتهم الى الزنازين والعمل السري مجددا أم أن طعم السلطة ولو لعام واحد بعد ثمانين عاما من الإنتظار سيجعلهم أكثر براغماتية وتنازلا ويقبلون بتسويات تسمح لهم بالمشاركة مع الآخرين ؟