يري خبراء سياسيون أن جماعة الإخوان المسلمون في مصر بحاجة إلى تحديد رؤية إستراتيجية للتعامل مع أزمة القائمة منذ أن أطاح الجيش يوم 3 يوليو/ تموز الجاري بالرئيس محمد مرسي، المنتمي للجماعة.
كما أن الجماعة، بحسب هؤلاء الخبراء، تحتاج إلى تشكيل فريق لإدارة الأزمة، وفتح قنوات اتصال مع القوي السياسية، ودراسة المشاركة في دعوات المصالحة، مع وضع مطالب الاخوان علي مائدة التفاوض، فضلا عن إجراء مراجعات فكرية؛ لتقيم أداء الجماعة، وتدشين حملة لتحسين صورتها التي تضررت في الشهور القليلة الماضية.
ويقول كمال حبيب، الخبير السياسي والمحاضر في عدد من الجامعات التركية، إن “جماعة الإخوان المسلمين بحاجة إلى إعداد ورقة توضح تقديرها للموقف والسيناريوهات التي ستتعامل بها خلال الفترة القادمة، على أن تعلن ذلك لمؤيديها، وللشعب كله”.
ويمضي حبيب قائلا، في حديث لمراسلة “الأناضول”، إن “الجماعة بحاجة أيضا إلى إجراء مراجعات فكرية تقيمية لأدائها خلال العامين الماضيين (أي منذ يورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011 التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك)، وكذلك التأكيد علي سلمية المظاهرات التي دعا إليها المرشد العام للجماعة (احتجاجا على عزل مرسي)، وكذلك البعد عن أماكن التي تستفز الجيش”.
ويضيف أنه “على الجماعة تشكيل خلية لإدارة الأزمة، والتواصل مع كافة الأطراف للخروج من المأزق الراهن.. الجماعة تتمسك بعودة الرئيس بينما العجلة تدور إلى الأمام، وعليها أن تتعامل مع الأمر، وتحدد ما هو دورها في المشهد السياسي القادم.. الحوار وطرح ما لدي الجماعة من مطالب والتفاوض عليه هو السبيل هو مسار سياسي طبيعي لمصر”.
ويري حبيب أن “شروط النضال السلمي طويل الأجل لعودة مرسي غير متوفرة؛ فالإسلاميين ليس لديهم قدرة علي حشد ملايين أكثر مما يجمعونها حاليا، كما أنهم فقدوا القدرة علي التعامل وحشد النقابات العمالية لدعم عملية النضال السلمي”.
ويطالب حبيب “الإخوان” بـ”الإنحناء للعاصفة”، ويشبه ما يحدث للرئيس المعزول بـ”ما حدث لنجم الدين أربكان، الزعيم التركي المعروف، عندما أطاح به الجيش من رئاسة الوزراء” يوم 28 فبراير/ شباط 1997.
ويحذر حبيب من “محاولات إخراج الإخوان من المعادلة السياسية، سواء من خلال رفض الإخوان المشاركة في العملية السياسية الراهنة، أو سعي البعض إلى إقصائهم؛ ففي كلا الحالتين ستضطر الجماعة إلى العمل خارج النظام؛ مما قد يخرجها عن طابعها الإصلاحي، ويدفعها نحو التشدد، علي غرار الجماعة الإسلامية أو الجهاد في السابق”.
هو الآخر، يري الباحث السياسي، سمير العركي، أن “جماعة الإخوان المسلمين بحاجة للتفاعل مع المبادرات السياسية المطروحة، والمشاركة في مبادرة المصالحة، شريطة أن تكون مطالب الإخوان محل تفاوض.. ولا مصالحة دون تصحيح الأوضاع”.
ويقول العركي، في حديث مع مراسلة “الأناضول”، إن “عودة الرئيس محمد مرسي مع سرعة إجراء استفتاء أو انتخابات رئاسية مبكرة ربما يكون سبيلا لنزع فتيل الأزمة إذا تم التفاوض عليه من قبل جميع الأطراف والسعي إلى تحقيقه”.
ويتابع قائلا إنه “علي الجميع، سواء مؤسسات الدولة المصرية أو الإخوان، السعي إلى الخروج من المواجهة الحالية، وإعلاء إرادة الشعب واحترام نتائج الصندوق” الانتخابي.
وفاز مرسي في أول انتخابات رئاسية تشهدها مصر منذ ثورة يناير/ كانون الثاني 2011، لكنه لم يكمل في الحكم سوى عاما واحد وأيام قلائل من أصل أربعة أعوام.
ويرى العركي أيضا أن “على الجماعة أن تؤكد على سلمية مظاهراتها، والبعد عن مراكز الاحتكاك مع قوات الجيش والشرطة”.
وفي ضوء ما خسرته الجماعة، يقول إن “الجماعة بحاجة إلى إطلاق حملة طويلة المدي لتصحيح الصورة الذهنية التي صنعت لها خلال الشهور القليلة الماضية، وكذلك مراجعة أدائها السياسي وتحديد أسباب إخفاقها على الأرض”.
لكن، وفي مقابل هذه الإستراتيجية التي رسمها حبيب والعركي لتعامل جماعة الإخوان المسلمين مع الأزمة، يقول جهاد الحداد، المتحدث باسم الجماعة، إن “الجماعة مستمرة في اعتصاماتها وممارسة الضغوط من أجل عودة الرئيس المنتخب، وليس مطروحا قبولها المشاركة في اي عملية سياسية يديرها من انقلبوا على الحكم”