على خطى تونس، بات من المؤكد أن إسلاميي المغرب في طريقهم إلى فوز كبير في الانتخابات التشريعية التي يرتقب ان تؤكد فوز “حزب العدالة والتنمية”، ليكون احدث حزب اسلامي يحقق مكاسب ضخمة على خلفية احتجاجات “الربيع العربي”.
فمع خوض الانتخابات لشغل 288 مقعدا من بين 395 في مجلس النواب، حصل حزب “العدالة والتنمية”، الذي يصنف بالمعتدل، على 80 مقعدا في الانتخابات، حسبما صرح وزير الداخلية الطيب شرقاوي السبت.
وتعد هذه النتيجة للحزب الاسلامي ضعف ما حصل عليه حزب الاستقلال بزعامة رئيس الوزراء عباس الفاسي، والذي فاز بـ45 مقعدا وحل في المرتبة الثانية. وكان حزب الاستقلال قد تزعم ائتلافا حاكما ضم خمسة احزاب منذ 2007.
وحال تأكيد النتائج الاولية، التي ستعلنها وزارة الخارجية مساء الأحد، سيأتي فوز حزب “العدالة والتنمية” بعد شهر من فوز الاسلاميين في اول انتخابات تجري بعد الثورة التي اطاحت بنظام زين العابدين بن علي في تونس، وقبل ساعات من بدء الانتخابات المصرية التي يتوقع ان يتصدرها الاسلاميون ايضا.
وبموجب الدستور الجديد الذي أُقر بغالبية كبيرة في استفتاء جرى في تموز/ يوليو، سيتعين على العاهل المغربي الملك محمد السادس تسمية رئيس الوزراء من الحزب الحاصل على اكبر عدد من المقاعد في البرلمان، اي “العدالة والتنمية الاسلامي”.
وكان محمد السادس اقترح تعديلات دستورية تحد بعض صلاحياته شبه المطلقة، بينما كان حكام عرب يتهاوون تحت وطأة احتجاجات شعبية في دول مجاورة في كل من تونس ومصر وليبيا، ومع بدء احتجاجات مطالبة بالديموقراطية في بلاده بالذات.
غير انه سيتعين على الاسلاميين ان يحكموا في ائتلاف مع احزاب اخرى. وأقر الامين العام لحزب “العدالة والتنمية” عبد الاله بن كيران انه سيتعين على حزبه “وضع برنامج يرضى به شركاء يقبلون الائتلاف معه”.
وفي حديث لقناة “فرانس 24” التلفزيونية، السبت، قال إن حزبه “منفتح على الجميع” في ما يتعلق بتشكيل تحالفات، مضيفا انه “مستعد لتشكيل ائتلاف حكومي للدفاع عن الديموقراطية والحكم الرشيد”.
وأردف: “نحن ملزمون بإعادة النظر في البرنامج، لنتفق على آخر مشترك، لكن الامر الاساسي في برنامجنا وبرنامج من سيحكمون معنا يقوم على محورين هما الديموقراطية والحكم الرشيد”.
واعرب حزبا “الاستقلال” و”الاتحاد الاشتراكي للقوى الشعبية”، المنضويان ضمن الائتلاف الحاكم المنتهية ولايته، عن استعدادهما للدخول في ائتلاف حاكم مع الحزب الاسلامي. كما اعرب حزب “الاصالة والمعاصرة”، الذي أسسه عام 2008 عدد من السياسيين المقربين من الملك، عن انفتاحه على الدخول في ائتلاف حاكم مع الاسلاميين.
وقد تعهد حزب “العدالة والتنمية بالولاء للملكية”، خلافاً لـ”جماعة العدل والاحسان الاسلامية” المعارضة المحظورة.
وبعد فوز “العدالة والتنمية” بثمانية مقاعد في العام 1997، تصاعدت شعبيته ليحصل على 42 مقعدا في انتخابات 2002، وهي اول انتخابات تجرى بعد تولي الملك محمد السادس الحكم. ثم زاد الحزب من نصيبه في انتخابات 2007 التي حل فيها ثانيا وحصد 47 مقعدا.
وركز الحزب، في بداياته، على قضايا اجتماعية مثل معارضته للمهرجانات الموسيقية الصيفية وبيع المشروبات الكحولية، وتحول بعد ذلك الى قضايا تروق لشريحة واسعة من الناخبين مثل الحملة على الفساد والبطالة المرتفعة في البلاد. وخلال الحملة الحالية وعد الحزب بخفض الفقر الى النصف وزيادة الحد الادنى للدخل بنسبة 50 بالمائة.
وكانت نسبة المشاركة في الانتخابات الراهنة بلغت 45,4%، بارتفاع عن نسبة الـ37% التي سجلت في الانتخابات البرلمانية السابقة في 2007، وان كانت اقل من نسبة 51,6% التي سجلت في 2002.
غير ان حركة 20 فبراير المغربية المطالبة بالاصلاح، والتي كانت مسؤولة عن الاحتجاجات التي جرت قبل ان يعلن الملك خطط تعديل الدستور، ناشدت الناخبين مقاطعة الانتخابات، اذ قالت ان “الاصلاحات غير كافية”.