- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

الموت المجاني

جمانة فرحات
في كل بقاع العالم، يخرج المسلمون في شهر رمضان للمساجد لأداء صلاة التراويح او المشاركة في حلقات الذكر إلا في اليمن يخرج المصلون ليموتوا. نعم إنه الموت لا غير، يرابط لهم على أبواب المساجد وفي أروقته لأن هناك في اليمن ببساطة أناس باتوا عاجزين عن تقبل تنوعهم ويرون فيه سبباً للفرقة والبغضاء، وهو ما يبرر لهم على ما يبدو استباحة المساجد ودماء بعضهم البعض. الاشكال الأول بين حوثيين وسلفيين حول صلاة التراويح في أحد المساجد قبل أيام لم يمر الا بسقوط قتلى وسرعان ما تكرر الاشكال في مسجد آخر. وقد لا يطول الأمر قبل أن يُسمع بالاشكال الثالث والرابع وربما العاشر. من وسط هذه الأخبار التي يفترض ان يكون الزمن قد تخطاها، يصبح من المشروع التساؤل من أين استقى هؤلاء المتقاتلون تعاليمهم الدينية. من افتى لهم بجواز منع المصلين من اداء صلاة التراويح او عقد جلسات الذكر. ومن اجاز لهم الدخول بسلاحهم إلى المساجد واستخدامه في وجه إخوانهم في الدين.
ليس هناك ما يبرر هذه الأفعال سوى ذلك المستنقع البغيض الذي يبدو أن اليمن يغرق فيه كل يوم أكثر فأكثر بعد أن أصبح الخلاف السياسي – القبلي ممتزج بخطاب طائفي كريه. وهو ما كانت تجلياته بدأت تظهر منذ أشهر بالتزامن مع تمدد الحوثيين في العاصمة صنعاء والاستفزازات المتبادلة بينهم وبين خصومهم السياسيين وخصوصاً السلفيين والاصلاح (الاخوان المسلمين) حتى أنه لم يعد مستغرباً ان يطلق على الحوثيين “الشيعة” ويجري الحديث عن وجود خلاف بينهن وبين “السنة” في مصطلحات طارئة على الشعب اليمني.
وضع بالتأكيد لن يبدل فيه الكثير قرار وزارة الداخلية اليمنية بعدم السماح بادخال السلاح إلى المساجد، لأن المسألة لا ترتبط بالسلاح بقدر ما هي مرتبطة بعقلية من يحمل السلاح ومنطقه الاقصائي الذي اختار شهر رمضان ليظهره بأبشع الصور. رغم ذلك يبقى قليل من الرهان على بعض العقلانية لدى كل من الحوثيين والسلفيين والاصلاح للعمل على الحد من هذه المظاهر الهدامة ومنع تداعياتها السلبية على المجتمع، وخصوصاً أن مآسي الاقتتال الأهلي المدمرة يدركها أهل اليمن جيداً وبشكل خاص الحوثيين.