- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

كيري غبي يتغابى أم يستغبي؟

Bassam 2013نقطة على السطر

بسّام الطيارة

إما أن يكون جون كيري وزير خارجية أكبر وأقوى وأغنى دولة في العالم «غبياً» أو أنه يعتبر «أننا» أغبياء. كما يوجد احتمال آخر هو أنه لا عمل له في واشنطن فأعطي «عظمة عملية السلام الاسرائيلية-الفلسطينية» يتسلى بها. إذ ها هو للمرة السادسة يعود للمنطقة وللمرة السادسة يقع الجميع بما فيهم المعلقين السياسيين في «فخ الاستغباء هذا».
والتقى كيري مع أبو مازن «ناقشا عملية السلام الاسرائيلية-الفلسطينية ودعم الاقتصاد الفلسطيني وأحدث التطورات في الشرق الاوسط». ولكن ما تحدثا به في الجولة رقم ٦ لا أهمية له! لنعد إلى الجولة رقم ٥.
ما أن ترك كيري المنطقة وفي أذنيه تطن كلمات نتانياهو «توجد أمور سنصر عليها وفي مقدمتها الأمن، ولن نساوم على الأمن، وأنا مؤمن بأنه ثمة أهمية وضرورة لطرح أي اتفاق يتم التوصل إليه لحسم الشعب» (أي استفتاء شعبي)، حتى سارعت الدولة العبرية إلى المصادقة على بناء ٩٣٠ وحدة استيطانية جديدة في «حار حوما»، وكأن زيارة كيري أو عدمها شأن واحد لا علاقة له بما يحصل «حقيقة» على الأرض.
ماذا تعني إذا زيارة كيري رقم ٦؟ هل هي لإلغاء مصادقة البناء أم تحضيراً لإعلان جولة بناء جديدة؟
هل من الممكن أن لا تكون الإدارة الأميركية، التي تتجسس على كل حلفاءها، على علم مسبق بخطط بناء المستوطنات؟ من يصدق أن كيري قبل أن يستقل الطائرة في نهاية جولة رقم ٥ لم يكن يعلم أن الإعلان عن بناء ٩٣٠ وحدة سيصدر قبل أن تغادر طائرته أجواء المنطقة؟
يساهم في عملية «استغباء» الشعوب العربية المعلقون ووسائل الإعلام كافة عربية وغربية، المدجنة وغير المدجنة، المتواطئة وغير المتواطئة، عن جهل أو عن معرفة.
فهؤلاء جميعهم يدخلون في «لعبة الاستغباء» فيحللون ويتدارسون ما يسمونه «الخيارات الفلسطينية»هذا يعددها بثلاث وآخر بأربع، بينما يكتب آخرون بكل جدية بأن «عباس سيطلع قيادة منظمة التحرير الفلسطينية على مسعى الولايات المتحدة لاستئناف محادثات السلام الفلسطينية الاسرائيلية»… لماذا يطلعهم؟ « لتحديد ما اذا كان سيشارك فيها» هكذا تقول نشرات وكالات الأنباء.
ما سيقول أبو مازن لزملاءه في المنظمة هو حرفياً ما لمحت إليه معظم الصحف الأميركية بشكل تهديد مبطن: «إما خفض السقف المطالب والشروط الفلسطينية أو قطع المعونات المالية». بالطبع الضغوط لن تكون على الجانب الإسرائيلي، والتنازلات الإسراذيلية ستكون فقط «ألسنية سيميائية» كإطلاق وعود بالبناء «فقط» في المستوطنات التي لن تتنازل عنها إسرائيل في أي مفاوضات مقبلة، أي أن على الفلسطينيين الذهاب إلى مفاوضات يدركون قبل إلتئامها أن ستستقطع أفضل الأراضي مما تبقى من فلسطين التاريخية، دون أن يعتبر كيري هذا من الشروط المسبقة … الممنوعة على الفلسطينيين.
قد يقبل أبو مازن بتراجع من جديد على أساس «أنه في ضائقة اقتصادية» ومكبل مالياً، وأن ما أسماه «المقاومة السلمية» فشلت في جذب أنظار العالم على مأساة شعبه إذ فيما هو يكتفي بتظاهرات ثقافية لم تتوقف وتيرة البناء في «أراضيه».
قد يقبل أبو مازن حتى لا يرتمي في أحضان «مصالحة مع حماس» في ظل متغيرات إقليمية قد يصعب عليه قراءة خطوطها الرمادية في مصر وبين السطور في التجاذب السعودي القطري، ناهيك تعقيداتها نتيجة الوضع اللبناني والسوري.
ولكن ماذا لو يرفض أبو مازن العرض الأميركي؟ ماذا لو يرفض أبو مازن «حالة الاستغباء» هذه المرة؟ يرفض ويقول كل تنازلاتنا لم تفض إلى وقف الاستيطان.
إن قطع الأموال عن السلطة الفلسطينية لن يكون خياراً أميركياً أو غربياً مهما تعنت محمود عباس. فرغم التظاهر بالغباء فإن كيري مثله مثل كل القوى الغربية يعرف أن انهيار السلطة هو تسليم أمور الفلسطينيين إلى …الإسلام السياسي … إلى حماس أو إلى أكثر تطرفاً من حماس.
رغم التظاهر بالغباء فإن القوى الغربية ترى بأن المنطقة تتلون بألوان جهادية من شمال سوريا إلى شمال سيناء، وهي ترى بأن خيوطاً جهادية غير مرئية ولكن متقاطعة تخترق كل دول المنطقة.
على أبو مازن أن يخرج ولو لمرة واحدة من لعبة التغابي والاستغباء، عليه أن يقول لا وأن الضغوط يجب أن تتم على الجانب الإسرائيلي، وهو ما عجز عنه حتى اليوم باراك حسين أوباما.
ملحوظة أخيرة: القوى الغربية بحاجة إلى «شبه عودة للمفاوضات» وإلى «شبه أمل بحل للقضية الفلسطينية» ذلك أنها مقبلة على حرب في المنطقة. وفي كل مرة قبل الهجوم على دولة عربية يتصدر السعي لحل القضية الفلسطينية أجندة المتغابين.