- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

مصر والمسؤولية التاريخية

ghaddarد.يحيى غدار
عامل الحراك الشعبي في 25 يناير شكّل بداية انعتاق وانطلاق من قمقم “الكوما” الذي عاشته مصر لعقود أربعة وتصميم شعبها على الاستنهاض الدائم وعدم التراخي أو الركون مجدداً بالعودة الى ما يشبه الماضي السحيق الذي ضيّق عليه الخناق أو الاكتفاء العاطفي بنتيجة التغيير الجديد في الاسم والجسم – ليس الا- الذي فرضته “الولادة القيسرية” لحومة الميادين في تركيبة الحاكم والحكم.
من هنا فإن محطة 30 يونيو ليست انتفاضة جديدة بل هي استكمال لثورة 25 يناير ومن رحِم 23 يوليو بالتأكيد على ارادة الشعب المصري في تجاوز التحديات وقدرته على عبور الكمائن والأفخاخ التي لا تخلو من المخاطر لا سيما وان أداءه السلمي المطالب بحق مصر في الحياة والديمقراطية جعله ملتحما مع المؤسسة العسكرية التي تشكل ضمان الاستقرار السياسي والاجتماعي الداخلي وصمّام الأمان للأمن القومي والسياسة الخارجية.
25 يناير التي حسمت ومسحت صورة مبارك القبيحة من “ألبوم أم الدنيا” هي ملهمة 30 يونيو التي بدورها جزمت بعزل محمد مرسي وكأنه من الماضي السياسي لمصر بعد أن حكم على نفسه بالسقوط نتيجة ما جنته يداه من تفريط بالحكم وما يتصل به من دسترة وشرعنة وقوننة على قاعدة “أنا أو لا أحد” متجاوزا لويس الرابع عشر في مقولته “أنا الدولة والدولة أنا”.
هذا السقوط الذريع والعزل السريع ليس شرطا من الثورة باقصاء “الاخوان المسلمين” و”الاسلام السياسي” أو سواهم من المشاركة حيث لا فضل لمصري على آخر الا بمقدار عزمه والتزامه بقيامة مصر والتمسك بثوابتها الوطنية والقومية التي جعل منها “مرسي” بين ليلة وضحاها تترحم على سلفه في استباحتها وتحويلها مطيّة للمصالح الأميركية والعدو الغاصب عملاً بما  يسمى الاعتدال المذموم والسلام المزعوم الذي لا يعني الا التبعية والاستسلام والتجارة بالعروبة والاسلام والقضية.
مسار الثورة في مصر بدأ ولن يتوقف قبل بلوغ المرام وتركيز خريطة الانطلاق للتأسيس لقيامة الدولة المدنية على طريق الدور والمعادلة والصراع في المنطقة وما نشهده اليوم في مصر هو مجرد مرحلة انتقالية وليس آخر المطاف بل بداية مشوار شاق وطويل قد يطول أو يقصر لا سيما وأن المتربصين كثيرون وبالتحديد أميركا وتركيا حيث يعملان علناً بشتى الأساليب على تأجيج الاحتراب واذكاء الفتنة في الميادين بتنسيق مع الربيب الصهيوني المنشغل باشعال محور سيناء لما يمثله من أهمية استراتيجية في الفصل والوصل بين مصر وفلسطين والقوى الاسلامية.
مما لا شك فيه ان قوى الثورة المصرية هي صاحبة المشروعية السياسية كما أن المؤسسة العسكرية هي قنطرة العقد في الحفاظ على التوازنات داخليا وخارجيا والاتجاهات كافة، لذا فالمرحلة الراهنة بتعقيداتها تستدعي مسؤولية تاريخية من الثورة لامكانية صياغة عقد تاريخي جديد ينقذ مصر من سطوة قوى التخلف المرتبطة وثيقيا بالارادة الغربية وتثبيت وحدة أرض الكنانة وهويتها العربية والاسلامية بعيدا عن ثنائية الانقسام بين العلمانيين والاسلاميين الذي يراهن الغرب عليها في صياغة التشكيل