- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

حماس… والإجماع الوطني!

MINOLTA DIGITAL CAMERAفادي أبو سعدى

توالت ردود الفعل منذ عدة أيام، لمجرد تسريبات عن إمكانية العودة للمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، وجهود جون كيري لإحيائها. منها ردود فعل “فيسبوكية مسخرجية”، ومنها ردود فعل وانتقادات قد يستفيد منها الجانب الفلسطيني.. وفي حقيقة الأمر لم تستفزني قضية إعلان العودة للمفاوضات، ذلك أني أعلنت “طلاقي” من السياسة والساسة الفلسطينيون منذ حين، لكن الاستفزاز أتى من رد فعل حركة حماس بعد هذا الإعلان.

حركة حماس اعتبرت أن العودة للمفاوضات تمثل خروجاً عن الإجماع الوطني “يا حبيبي”، لكن السؤال الذي يتوارد لأي ذهن هو، أين كان هذا الإجماع بخصوص المصالحة الفلسطينية الداخلية؟ أين كان هذا الإجماع فيما يخص حرية التعبير وصون الحريات عامة في غزة؟ كيف تتحدثون عن الإجماع الوطني وتتدخلون في شؤون الغير في “مصر” الشقيقة!

الحقيقة المُرة، هي أنه لم يعُد هناك مصطلح اسمه “الإجماع الوطني”، فأين هي فصائلنا أصلاً التي تُجمع أو لا تُجمع؟ وأين هي مواقفنا الداخلية منها قبل الخارجية؟ ومتى كانت آخر مرة تحدث فيها إلينا أي فصيل فلسطيني عن وضع البلاد، أو رئيس الوزراء الجديد، أو حتى الرئيس نفسه؟ فكيف تتحدثون عن أمور لا وجود لها؟

نعم، صحيح أن هناك تجربة فاشلة في المفاوضات امتدت لعقدين من الزمان، لكن الوعي الفلسطيني يقودني للاعتقاد بأنه لن يقبل بأي شيء بعد الآن، والشعب الفلسطيني لن يسمح بتمرير ما لا يوافق عليه، ولن يتم اتفاق على شيء دون استطلاع العامة، لأن المناخ العام متجه إلى الانفجار أصلاً، والأمر غير قابل للعب فيه.

لقد جربت حماس نفسها المفاوضات مع الإسرائيليين، بشكل مباشر أو مباشر، سواء في الأمور الحياتية والمعابر، أو للإفراج عن الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، أو لوقف المقاومة الفلسطينية انطلاقاً من غزة، ونجحت في ذلك، فهل كانت تملك إجماعاً على ذلك في ذاك الوقت؟ فلماذا يتحدثون عن الإجماع الآن إذاً؟ وهل فقط لأنه لا يتساوق مع أهدافهم؟

حماس حكمت قطاع غزة دون إجماع وطني، وحاربت كل من كان ضد مصالحها دون إجماع وطني، وتحالفت مع دول ضد الشعب الفلسطيني دون إجماع وطني، ولا حاجة لسرد بقية التفاصيل التي يعرفها الجميع، عما يسمى بـ”الإجماع الوطني” لمجرد الحديث فقط!

حتى لو ذهبت القيادة الفلسطينية للمفاوضات مرة أخرى، وحتى وإن كانت نفس الأخطاء ستتكرر، هذه المرة سيكون الشعب لهم بالمرصاد، فنحن في زمن “الربيع العربي” أو حتى “العهر العربي” أو أياً كانت التسمية، التي رأينا فيها شعوباً تخرج إلى الشوارع وتُسقط من تريد، وتفعل ما تريد، وبالتالي فإن الإجماع الوطني وإن وجد، فإنه لن يكون إلا الشعب، والشعب فقط.