- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

” الكحل أحلى من العمى “

Najat 2013_2نجاة شرف الدين

يحتفل الجيش اللبناني هذا العام بعيده في الأول من آب تحت شعار ” الشعب يريد الجيش ”
وفي ظل ” صحوة ” على مستوى بعض الأطراف السياسية لأهمية دور الجيش والتمسك بتحييده عن الصراعات الدائرة على المستوى السياسي ، ويترافق الإحتفال  مع قرار تم التوافق عليه بين القوى السياسية وباعتراض عوني على التمديد لقائد الجيش جان قهوجي نتيجة إقتراب موعد تسريحه  وفي ظل غياب التوافق على إنتخاب قائد جديد ، كي يخرج التمديد بأقل أضرار ممكنة وكي لا نصل الى الفراغ في منصب قيادة الجيش في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ لبنان .

هذا الإخراج التمديدي والذي شهد نقاشات وتصريحات واتصالات عديدة ، جاء ليمدد حالة الجمود الحاصلة في البلاد بغياب أي مشروع حواري أو تواصلي من أجل معالجة الأزمات في كافة مؤسسات الدولة ، والتي كانت بدأت بمجلس النواب عبر التمديد لسنة وخمسة أشهر بتوافق مختلف القوى السياسية ، ودائما تحت شعار التخويف من الفراغ ، مما سهل طرح التمديد في معظم المؤسسات ، والتي بدأ التمهيد لها منذ اليوم الى أنها يمكن أن تطال رأس السلطات وهي رئاسة الجمهورية في حال وصلنا في العام المقبل الى الاستحقاق الرئاسي من دون الحصول على توافق سياسي يجنب البلاد الدخول في فراغ على مستوى الرئاسة الأولى .

حالة الإنتظار التي يعيشها لبنان منذ بداية الأحداث في سوريا ، نتيجة إرتباطه العضوي بالتطورات ، ونتيجة دخول أطراف لبنانية في هذه الأزمة جعلت مؤسساته ، المهترأة أصلا ، تعاني  من توقفها عن أداء أدوارها ولو بالحد الأدنى ، مما زاد من حجم ضعف الدولة ، في ظل حكومة تصريف أعمال تعمل ولا تجتمع  منذ أربعة  أشهر وبغياب أي أفق لإمكانية تشكيل حكومة جديدة مع الرئيس المكلف تمام سلام ، وسط خلاف على التمثيل للقوى السياسية ولا سيما حزب الله ، بعد تعقد المشهد نتيجة قرار الإتحاد الأوروبي وبموافقة  28 دولة على وضع الجناح العسكري للحزب على لائحة الإرهاب ، مما إنعكس داخليا وزاد من حدة  الإنقسام ، الموجود أصلا ، وهو ما يفسر الحرص الذي أبدته سفيرة الإتحاد الأوروبي أنجلينا إيخهورست ، من خلال جولاتها على المسؤولين اللبنانيين ومنهم حزب الله ، من أجل الدعوة للهدوء والحرص على إستقرار لبنان ، ومحاولة التخفيف من التداعيات الداخلية للقرار في ظل حرص عدد من الدول الأوروبية  ولا سيما من تربطهم مصالح ومنهم فرنسا على علاقاتها مع كافة الأطراف اللبنانية من خلال  وجودهم في  قوات  ” إليونيفيل ” في جنوب لبنان .

حالة التمديد التي إنسحبت على معظم المؤسسات للدولة اللبنانية ، يبدو أنها طويلة بغياب الأفق السياسي لحل الصراع الداخلي المتأزم ، وبغياب الإستعداد الدولي والإقليمي لرعاية حلول في المدى  المنظور ، مما يزيد المشهد اللبناني تعقيدا وهو الغارق  بأزماته الإقتصادية نتيجة عدم الإستقرار السياسي والأمني ، ونتيجة أزمة النازحين التي أرهقت كاهله وتهدد أمنه واستقراره ، الهش أساسا . هذه الصورة السوداوية للمشهد اللبناني جعلت اللبنانيين ، يراجعون أحلامهم لتصل الى الإستسلام عند حدود القبول فقط بعدم تفاقم الوضع ، ويحملون شعار ” الكحل أحلى من العمى ” مما جعلهم يقبلون بأي تمديد كي لا نصل الى الفراغ وكأنهم متفقون ومن دون الإعلان ، على أن يشهدوا الفصل الأخير من إنهيار الدولة ….