- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

سنودن وأزمة العلاقات الأميركية-الروسية (تحليل)

بعد أن تسببت في إحراج لأجهزة المخابرات الأمريكية على مدى أسابيع تلقي أزمة إدوارد سنودن بظلالها على الجهود الدولية لإنهاء الحرب الأهلية السورية والتعامل مع ايران ومن الممكن أن تقوض آمال البيت الأبيض في اتفاق لخفض الأسلحة النووية.

ويهدد قرار روسيا يوم الخميس بمنح سنودن وضع لاجيء بانزلاق العلاقات المتوترة بين الولايات المتحدة وروسيا الى أدنى مستوياتها منذ سنوات وتعقيد الجهود الرامية لمواجهة التحديات الجيوسياسية.

وفي ظل النظر الى إيواء روسيا للمتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي الأمريكي سنودن على أنه صفعة على وجه الرئيس باراك أوباما فإن البيت الأبيض يبحث ما اذا كان يجب أن ينسحب من قمة تعقد في موسكو اوائل سبتمبر ايلول وهو ما سيعتبر ازدراء للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ويقول محللون إن فكرة تلويح واشنطن بهذا التهديد تبرز حجم التداعيات التي يحتمل أن تضر بالمصالحة بين خصمي الحرب الباردة السابقين على صعيد القضايا العالمية الشائكة التي تذهب الى أبعد كثيرا من مصير متسلل عمره 30 عاما يحاول تفادي المحاكمة في الولايات المتحدة.

ومن غير المرجح أن يسوي الرجلان خلافاتهما الكثيرة حتى اذا عقدت القمة كما هو مخطط فهما غير منسجمين على المستوى الشخصي كما أن اجتماعاتهما السابقة لم تسفر عن نتيجة.

وفي حين هون الكرملين من شأن اي خلاف ثنائي أشار مسؤولون بإدارة أوباما ومشرعون كبار الى أن الأوضاع لن تكون كما هي بعد أن منحت روسيا لسنودن وضع لاجيء لمدة عام وسمحت له بمغادرة مطار موسكو بعد أن قضى خمسة أسابيع في منطقة الترانزيت بداخله.

وقال اندرو ويس وهو مستشار سابق للرئيس الأسبق بيل كلينتون في الشؤون الروسية “المناخ السياسي في واشنطن حول روسيا مسمم… كان هناك الكثير من الغضب نحو روسيا يعتمل في المؤسسة السياسية. سنودن عامل محفز.”

وعلى رأس قائمة الخلافات الطويلة بين الولايات المتحدة وروسيا يأتي دعم موسكو للرئيس بشار الاسد في الحرب الأهلية السورية على الرغم من أن أوباما قاد الدعوات الدولية لتنحيته.

ومن الممكن أن يزيد تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا من صعوبة التعاون بين البلدين للترتيب لمحادثات سلام سورية تهدف للتوصل الى حل سياسي.

ومع اقتراب ايران من تنصيب الرئيس المنتخب حديثا حسن روحاني الذي لمح الى استعداد اكبر للتفاوض على برنامج بلاده النووي فإن هناك مخاوف في واشنطن من احتمال أن يختلف موقف روسيا عن الدول الغربية التي تسعى لكبح جماح الطموحات النووية لطهران من خلال العقوبات القاسية.

وعلى الرغم من ان مكافحة الإرهاب كانت نقطة مضيئة نادرة في تاريخ العلاقات خاصة بعد تفجيري بوسطن في ابريل نيسان فإن هذا المجال قد يتضرر ايضا. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني إن قرار روسيا بشأن سنودن “يقوض تاريخا طويلا من التعاون في مجال إنفاذ القانون.”

ويرى منتقدون لأوباما أن عودة الرئاسة لبوتين وتصريحاته المناهضة للولايات المتحدة أظهرت أن الرئيس الأمريكي كان ساذجا حين وضع ثقته في موسكو. ويشيرون الى أن قرار منح اللجوء لسنودن يمثل إهانة تستدعي ردا قاسيا ويقولون إنه إخفاق آخر للسياسة الخارجية في الوقت الذي يكافح فيه أوباما لتأكيد نفوذه في الأزمات التي تجتاح سوريا ومصر.

وعلى إدارة أوباما الآن أن تحدد الى أي مدى تريد إظهار غضبها. لكن الخيارات المتاحة لها قد تكون محدودة خاصة في وقت تحتاج فيه واشنطن الى مواصلة استخدام أراض روسية في عملية انسحابها من افغانستان كما أنها مازالت تأمل في التعاون الدبلوماسي مع روسيا ضد ايران.

وسيكون اول قرار كبير يتخذه أوباما ما اذا كان سيحضر قمة ثنائية مع بوتين في موسكو الشهر القادم.

وقد لا يغضب إلغاء القمة موسكو كثيرا. لكن الوضع سيختلف تماما اذا قرر الرئيس الامريكي الا يحضر قمة مجموعة العشرين التي يستضيفها بوتين في سان بطرسبرج بعد ذلك بفترة قصيرة وهو ما يعتبر غير مرجح.

ورغم تزايد التوتر فإنه ليست هناك تكهنات بقطع العلاقات بين واشنطن وموسكو. ويعتقد كثيرون أن الجانبين سيمران بفترة تباعد لكنهما في نهاية المطاف سيجدان وسيلة لتقسيم خلافاتهما الى أجزاء والمضي قدما.

وقال جيمس جولدجير عميد كلية الخدمة الدولية بالجامعة الأمريكية في واشنطن “لا يريد اي من الجانبين علاقة عدائية. هذا لن يؤدي الا الى ان يصبح العالم مكانا اكثر خطورة.”