أبيدجان ــ خاص “أخبار بووم”
نظام جديد بات يحكم نهاية الخلافات والحروب الداخلية، وهو نظام محكمة العدل الدولية في لاهاي. بمجرد إعلان انتصار أحد الأفرقاء تتقدم المحكمة الدولية بمذكرة قضائية لجلب الخاسر إلى زنزانتها في منطقة «شيفينينغن».
صباحاً، حطت الطائرة التي أقلت الرئيس السابق لساحل العاج لوران غباغبو في مطار روتردام، غربي هولندا، آتية من ساحل العاج. وكانت السلطات العاجية قد استأجرت هذه الطائرة بعد صدور مذكرة توقيف بحق الرئيس السابق وأقلعت من مطار كورهوغو شمال ساحل العاج حيث كان غباغبو موقوفا منذ نيسان/ أبريل في مناطق مؤيدي الرئيس المنتصر الحسن واتارا. وكان غباغبو قد رفض الاعتراف بهزيمته في الانتخابات الرئاسية بسبب إشكالات دستورية في طريقة الإعلان عن النتائج، ما قاد البلاد إلى حرب أهلية أوقعت أكثر من ثلاثة آلاف قتيل، حسب تقديرات منظمة الأمم المتحدة.
وبناء على طلب وتارا، أجرت المحكمة الجنائية الدولية منذ تشرين الأول/أكتوبر تحقيقات حول جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب ارتكبت خلال الأزمة، وانتهى بها الأمر إلى إصدار قرار الاتهام ومذكرة التوقيف. وقد رفضت المحكمة الإدلاء بأي تعليق بعد وصول المتهم إلى مركز الاعتقال التابع لها. وذكر المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، مورينو أوكامبو، خلال آخر زيارة له لساحل العاج الشهر الماضي، أن المحكمة تعتزم التركيز على عدد من الأشخاص يعتقد أنهم مسؤولون عن ارتكاب فظائع.
وقالت لوسي بورتوميو، محامية غباغبو، إن السلطات القضائية أطلعتها على المذكرة صباح أمس ولن تأخذ بعين الاعتبار «التشكيك في اختصاص المحكمة». وتابعت «أنه بغياب اتهامات رسمية ضده يكون الاعتقال قراراً سياسياً وليس قضائياً».
إلا أن الاتهامات بارتكاب فظائع لا تتوقف على مؤيدي غباغبو، إذ إن عدد من المنظمات الإنسانية اتهم مؤيدي واتارا بالقيام بمذابح في غرب البلاد ذهب ضحيتها الآلاف من قبائل مؤيدة للرئيس المنتهية ولايته.
ومن المعروف أن الانتخابات النيابية العامة تجري بعد عشرة أيام، وما أن أعلن عن نقل غباغبو إلى لاهاي حتى أعلن عدد من الأحزاب المؤيدة له الانسحاب من العملية الانتخابية، ما سوف يرمي ظلالاً من الشكوك حول النتائج المنتظرة، ويقف عقبة أمام عملية المصالحة التي أعلن عنها واتارا والتي طالبته بها القوى الدولية التي دعمته عسكرياً للوصول إلى الحكم، وفي مقدمتها فرنسا وصديقه الرئيس نيكولا ساركوزي.
وبذلك يكون غباغبو أول رئيس دولة سابق يتم نقله إلى المحكمة الجنائية الدولية التي تلاحق أيضاً الرئيس السوداني عمر البشير، وتحقق في جرائم مزعومة في كل من كينيا وليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى. وبالطبع يرى البعض أن «تصفية الحسابات عقب الحروب» في المحكمة الدولية يمكن أن ينعكس بنزع الصدقية من هذا القضاء، الذي علقت عليه الدول الصغرى آمالاً كبيرة، إذ إن المحكمة الدولية باتت وكأنها أداة في السياسة الدولية المعولمة الجديدة بسبب الانتقائية في اختيار المتهمين واستعمال المعايير المزدوجة في توجيه الاتهامات وتنفيد مذكرات التوقيف.