- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

فوضى الإنتظار

Najat 2013_2نجاة شرف الدين
على الرغم من تصاعد المشهد الأمني في لبنان من منطقة الى أخرى ، وعلى الرغم من تزايد حدة  التوتر الداخلي بين القوى السياسية  وغياب الخطاب التصالحي بين الأطراف الأساسية في البلد ، إلا أن تراجعا واسعا يبدو جليا في الأولويات الإقليمية والدولية لموقع لبنان في المنطقة وبالتالي غياب فعلي للإهتمام بمعالجة الأزمة السياسية القائمة والتي تهدد بزوال الدولة ، بمعزل عن إنتظار التسوية الأوسع للمنطقة من سوريا الى مصر مرورا بالعراق وصولا الى بيروت .
وفي الوقت الضائع ، تتوسع دائرة الفوضى المتنقلة لتزيد تعقيدات المشهد الأمني ، ودخل على خطها مجددا ملف المخطوفين اللبنانيين التسعة في أعزاز على الحدود السورية التركية منذ خمسة عشر شهرا ، بعد عملية خطف الطيارين في الخطوط الجوية التركية على طريق المطار ، وما تلاها من مواقف  زادت من حدة الإنقسام الداخلي بالرغم من إدانة عملية الخطف من مختلف الأطراف ، وهي كشفت عن الوضع الهش على الأرض مع تصاعد تهديدات أهالي المخطوفين بخطوات تصعيدية منها إغلاق طريق المطار والتهديد بخطف الأتراك على الأراضي اللبنانية  ردا على القاء القبض على مشتبه بهم من أقرباء المخطوفين من قبل جهاز فرع المعلومات . كما صدر بيان عن ” لواء عاصفة الشمال” في أعزاز إعتبر أن لا وصاية لجهة دولية أو محلية في هذا الأمر وطالب بإطلاق سراح 127 معتقلة من السجون السورية كدفعة أولى .
هذا المشهد التركي اللبناني السوري المعقد ، والمرتبط بالتطورات في سوريا ، أضيف إليه مشهد بقاعي أمني ، من خلال عمليات الخطف المستمرة ، وعمليات التبادل التي أصبحت شبه عادية في هذه المنطقة مرة بفدية مالية وأخرى عبر خطف مضاد ، وصولا الى إشتباكات وسقوط قتلى وجرحى والتي كان آخرها إستهداف موكب رئيس بلدية عرسال علي الحجيري قرب بلدة اللبوة  وخطف إثنين منه ، وسقوط قتيل وجرح رئيس البلدية مع خمسة آخرين ، وهم العائدون من عملية تبادل لمخطوفين بين بلدة مقنة  وعرسال المجاورتين ، مما زاد من التوتر واستمرت عمليات الخطف في المنطقة البقاعية بغياب الحلول الحاسمة وبحضور الحلول العشائرية .
هذه الفوضى الأمنية المتنقلة والتي تؤكد مرة جديدة على هشاشة الدولة وغياب المعالجات الفعلية لحالة الفلتان ، وبروز دويلات الميليشيا المسلحة ، يبدو أنها ستكون سمة المرحلة المقبلة بغياب المشاريع السياسية الجدية ، واستمرار الأحداث السورية من دون أفق واضح .
حالة الإنتظار التي يعيشها لبنان ، بحكومة تصريف الأعمال ، وبرئيس مكلف لا يستطيع التأليف ، وبمجلس نيابي ممدد له ، وبقائد للجيش ممدد له ، وبأزمة إقتصادية خانقة نتيجة الجمود في المرافق الأساسية ولا سيما بغياب السياحة ومقاطعة دول الخليج ، وبانهيار تدريجي لمؤسسات الدولة ،وبوجود مليون نازح سوري على الأراضي اللبنانية ،  وبفوضى أمنية متنقلة من خطف وصواريخ  وانفجارات واشتباكات ، وبانقسام سياسي حاد ، وبمشاركة في الحرب على الأراضي السورية ، وبتراجع الإهتمام الدولي لإيجاد الحلول السياسية ، وبغياب رجال الدولة الذين يستطيعون إستنباط حلول تسووية داخلية ولو مؤقتة . كل ذلك لا يمكن إلا أن يؤدي الى الانتقال من مرحلة فوضى الإنتظار الى إنتظار الإنفجار !!!