- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

الوحدة العربية الحديثة بين فكي الوهابية والإخوان

Bassam 2013يشهد العالم العربي بكامل بقاعه ثورة لا مثيل لها في تاريخ شعوبه، من مميزات هذه الثورة أنها تساهم، من حيث لا يدري المشاركون بها من محاربين لها إلى مؤججين لنيرانها، بتوحيد شعوب العالم العربي بعد عقود من محاولة «الاستهزاء» من مبدأ «الوحدة العربية».
بعض الأنظمة استعملت شعار الوحدة العربية لنصب ديكتاتورية على شعبها ومنع تحقيق هذه الوحدة. يمكننا أن نذكر منها أنظمة البعث بشقيه العراقي والسوري، نظام القذافي، نظام النميري السوداني سياد بري الصومالي وحتى وإن كان بشكل موارب وملتبس النظام الناصري بخلاف عقيدته المعلنة بسبب تخبطه البارز، ناهيك عن مجمل المنظمات الحزبية والسياسية من موريتانيا إلى عُمان ،كذلك الفرق الفلسطينية التي رفعت شعار الوحدة للمحافظة على مكاسبها الآنية.
عندما اختفى عبد الناصر، طفت إلى سطح الحدث العربي موجة المستهزئين من شعار الوحدة العربية تقودها المملكة العربية السعودية التي لجمها عبد الناصر وأجبرها على تعهد لفظ به الملك فيصل يحمل ثلاث شروط: ١) لا للقواعد الأجنبية في أراضي العرب ٢) توزيع الثروة النفطية بشكل عادل عبر مساعدة الدول  العربية «الشقيقة» الفقيرة ٣) دعم الفلسطينيين لاسترجاع حقوقهم.
ما أن اغتيل فيصل «على يد أمير سعودي» حتى تخلت المملكة الوهابية عن تعهداتها: ١) فتحت أبوابها للقواعد الأجنبية، ٢) باتت «المساعدات المالية» انتقائية ومشروطة سياسياً وأداة تطويع للأنظمة «الشقيقة»، ٣) باتت القضية الفلسطينة مسألة وجهة نظر وفتح موقف السعودية وهيمنتها وتأثيرها على عدد من الأنظمة باب «التسوية من دون حفظ ماء وجه التاريخ» ساعدها في ذلك إمساكها بالإعلام العربي بشكل عام. وبدأ «التهكم العلني» على مسألة الوحدة العربية يرافق حديثاً عن حلول للمسألة الفلسطينية تهضم حقوق شعب فلسطين بحجة «الواقعية»…طالما أن الوحدة العربية «نكتة» بنظر الكتاب المنبطحين على عتبات الطفرة المالية الخليجية يرون عبر هذه العتبة «الشارع العربي» …سراب ناصري.
ولكن كما يقال فإن الطبيعة تكره الفراغ.
إن «فكرة» الوحدة العربية لم تأت من العدم، وغياب العمل لتحقيقها (ولو بشكل حديث مشابه للوحدة الأوروبية) لم يلغ «وجودها بالقوة» في اللاوعي العربي.
فما فعلته الطبيعة كان الدفع نحو الدين الإسلامي الذي يتشارك به ٨٠ في المئة من «العرب». بينما كانت الوحدة العربية تشمل ١٠٠ في المئة من العرب لا تميز بين الأديان والمذاهب.
وهكذا «تسلل» الإسلاميون إلى عقول نسب كبيرة من الشعوب العربية بدعم ظاهر ومكشوف من «المستهزئين من شعار الوحدة العربية» وفي مقدمتهم المملكة الوهابية السعودية، وهي بذلك تصيب هدفين بدعم واحد: ١) تؤهب لنشر الوهابية وبذلك تحظى بدعم ممسكي التيار الديني في الداخل فيتركون آل سعود في كوة الحكم يغرفون الثروات ويوزعونها على ذرية عبد العزيز. ٢) إن الوحدة العربية (بشكل حديث مشابه للوحدة الأوروبية) تعني ثورة على الأنظمة العتيقة البالية أي …انتهاء حكمهم.
التحرك لكسر موجة ما سمي «الربيع العربي»  جاء ضمن التنافس بين الوهابية والإخوانية الحنبلية. ولكن ردات الفعل الشعبية تأتي اليوم ضمن تيار الحداثة الذي يمكن أن يصب في وعاء وحدة عربية بشكل حديث مشابه للوحدة الأوروبية.

نشهد هذا في مصر وفي تونس وليبيا وفي سوريا والعراق وفي لبنان والأردن والمغرب وفي اليمن والبحرين والسودان. والحديث يدور عن تحرك في هذا الاتجاه «الحديث» في دول الخليج في الكويت وعمان والإمارات وفي السعودية.