- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

فرنسا لا تريد قيادة اليونيفيل

(حصرياً بالاتفاق مع الفيغارو)

ترغب فرنسا بالبقاء بعيدة عن الأضواء في لبنان بسبب دورها الرئيسي في الملف السوري وهو ما دفعها، حسب مصادر عسكرية في باريس وفي بيروت، للتراجع عن قيادة  قوات الأمم المتحدة في جنوب لبنان المعروفة بالـ «يونيفيل» الذي يشغر في مطلع السنة.
وجاء هذا القرار بعد مشاورات في الأمم المتحدة، حيث أشارت باريس إلى عدم رغبتها بأن يأتي جنرالاً فرنسياً ليحل محل الجنرال الاسباني ألبرتو أسارتا لقياة اليونيفل. علماً أن الجنرال ألان بليغريني قد احتل هذا الموقع قبل أن يليه الجنرال الإيطالي، إذ إن مساهمات هذه الدول الثلاث هي الأكبر في هذه القوة.
وكان من المنطقي أن يعود هذا المنصب لفرنسي، إلا أن باريس تجد نفسها في وضع غير مريح في هذا الملف. ويعود ذلك إلى سنتين خلتا. في صيف ٢٠١٠ سببت تصريحات رئيس الأركان الفرنسي إدوار غيوو بلبلة عندما أكد أن قوات اليونفيل «وصلت إلى أقصى ما يمكنها أن تؤمنه عسكرياً»، وهو ما دفع بتساؤلات للحكومة اللبنانية التي تخشى تخفيض المساهمة الفرنسية (1300 جندي).
بالطبع نجحت قوات اليونيفيل بفرض هدنة بين حزب الله والإسرائيليين، إذا استثنينا بعض المناوشات التي كان أخرها عملية إطلاق الصواريخ قبل أيام على الدولة العبرية، إلا أنها فشلت في منع إعادة تسليح القوات الشيعية في جنوب لبنان، ناهيك عن المجهود الجبار الذي قام به حزب الله شمال نهر الليطاني حيث توجد أهم مخازنه للسلاح، وفي الواقع فإن هذه المنطقة خارج إطار عمل اليونيفل ولا تسطيع التدخل إذ أن المهمة المنتدبة من أجلها لا تشملها.
ويقول خبير فرنسي، «لا نود أن تعود اليونيفيل إلى نسق ما كانت عليه قبل عام ٢٠٠٦، لذلك نفضل البقاء في الظل». وجدير بالذكر أنه عقب حرب ٢٠٠٦ بين الجيش الاسرائيلي وحزب الله تم تقوية اليونيفيل لإعطائها القدرة على التصدي في حال حصول اشتباكات جديدة.
في الواقع باتت باريس غير قادرة على إيجاد صيغة لمعالجة هذا الملف. فهي لا تستطيع الانسحاب من القوة الدولية لأن ذلك سوف يعطي إشارات سيئة لعدد من القوى المؤثرة في المنطقة التي سترى في ذلك انتصاراً لها. إلا أنها في المقابل لا تستطيع تحمل خسار بشرية وهي على أبواب فترة انتخابات. وهو ما قاد إلى قرار في مطلع هذه السنة يقضي بتجميع القوات الفرنسية داخل «قوة تدخل سريع» حسب ما نص عليه القرار ١٧٠١ عام ٢٠٠٦.
وبالتالي فإن القوات الفرنسية باتت لا تقوم بأي دورية في منطقة «الطيري» وهي المنطقة المفضلة لدى حزب الله للاقتراب من الحدود الاسرائيلية. أضف إلى أن مهمة اليونيفيل ككل باتت تحت مجهر البحث.
انتقدت باريس في السنوات الأخيرة الجنرال أسارتا بسبب قصور ردات فعله تجاه حزب الله، وكانت تتمنى مواقف أكثر هجومية تجاه نشاط الحزب لإخفاء تسليحه. إلا أن مجموعة من السكان – مدفوعة من حزب الله- نصبت فخاً لمجموعة من القوات الفرنسية قبل أن تمرر لهم الرسالة التالية: «أوقفوا دورياتكم المتطفلة وإلا فإن المشاكل تنتظركم».
ولأن الفصيل الاسباني حاول أن يوسع دورياته المتطفلة خارج منطقة انتشاره فقد وقع ضحية اعتداء عام ٢٠٠٧ سقط له من جرائه سبعة جنود ضحايا. وفرنسا لا تجهل أن جنودها هم رهائن محتملين لأعدائها. ففي تموز تعرض أحد مواكب قواتها لتفجير قرب مدينة صيدا.
وأبعد من هذا فإن عدداً من العسكريين الفرنسيين يشيرون إلى شطط في تصرفات اليونيفيل، وأسف أحدهم من أن «عدداً من الضباط الفرنسيين زار إسرائيل مراراً. ويعرف حزب الله، الذي له آذان داخل اليونيفيل، هذا الأمر. ومن هنا يمكن تفسير وصول نسخ عن أوراق خاصة للجنرال لافونتين، الذي قاد الفصيل الفرنسي لغاية نهاية ٢٠١٠، إلى أيدي الصحافة اللبنانية”. ويضيف «كما أن أسارتا لا ينقل في تقاريره للأمم المتحدة كافة الخروقات الإسرائيلية للمجال الجوي اللبناني».
يوسف، أحد مخاتير بلدة لبنانية جنوبية، يسأل «أين هم الفرنسيون، إننا لا نراهم». وبالفعل فقد تراجعت كثيراً «الأعمال ذات الصبغة المدنية» للجنود الفرنسيين، أي مساعدة السكان، بينما يتابع الإيطاليون هذا على سبيل المثال.

Georges Malbrunot