نقطة على السطر
بسّام الطيارة
بريد القراء ينتقد افتتاحيات الصحيفة إذ يشتم كتّاب هذا البريد «نوعاً من معارضة للضربة على سوريا».معارضو هذه الضربة لا يكتبون ولا ينتقدون ولا يتصلون، لعلهم يدركون أن معارضتنا هي مواقف مبدئية وليست مواقف دعم للنظام.
ولكن مؤيدو الضربة وكأن لوثة ركبت رأسهم يلهثون وراء أوباما يصرخون «اضرب اضرب…» كل من يطلب التروي يضعونه في خانة دعم الديكتاتورية إن لم نقل في صفوف شاربي دماء السوريين.
نعم نحن ضد نظام يقبع ٤٠ عاماً على صدر الشعب السوري. نعم نحن ضد التوريث وحكم الحزب الواحد. نعم وألف نعم نحن ضد قمع الحراك الشعبي بالقوة. ضد السجون السياسية ضد الرقابة وقمع الحريات. نعم نحن مع الثورة كما بدأت في آذار ٢٠١١.
نعم نحن ضد قصف الشعب بالكيميائي. نعم نحن مع نزع أسلحة الدمار الشامل ليس فقط من سوريا وبالطبع من إسرائيل أيضاً ولكن من العالم بأسره من أميركا وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا … وحتى كوريا الشمالية وإيران وكل الدول التي تُجلِس هيمنتها على كرسي أسلحتها المدمرة.
نحن مع السلام. ولكننا مع الثورة أيضاً وإن كنا ضد الكتائب الجهادية التي شوهت الثورة وأعطت النظام كماً من الحجج للضرب والتدمير.
إذا لماذا نحن ضد «الضربة»؟
نعم نحن ضد الضربة لأسباب مبدئية.
أولاً علينا حماية القانون الدولي من تسلط القوى العظمى. أليس مضحكاً-مبكياً أن باراك حسين أوباما عندما يعجز عن الحصول على الضوء الأخضر من الأمم المتحدة يلتفت نحو الكونغرس الأميركي؟ وأن فرنسوا هولاند يقول سنهجم على سوريا حتى من دون موافقة الأمم المتحدة؟
روسيا تعرقل اتخاذ قرار في مجلس الأمن لأسباب سياسية قد تكون مقيتة، ولكن هذه هي أصول لعبة القوانين التي وضعتها الدول العظمى بما فيها أميركا وفرنسا، وإلا لما وُجِدَ مجلس أمن وقانون دولي؟ إن عرقلة روسيا لعمل مجلس الأمن يجب أن تجابه بتكثيف التفاوض بتكثيف النقاشات والتنازلات المتبادلة.
كل دولة لها حساباتها الخاصة، إن العجز عن الوصول إلى توافق في مجلس الأمن يعني أن روسيا متمسكة بمواقفها .. ولكن يدل أيضاً على أن الأفرقاء الآخرين أيضاً يتمسكون بمواقفهم.
إن مجلس الأمن وجد لمثل الحالة السورية ويفرض على الدول الكبرى أن تتفاوض لا أن تتشبص بمواقفها.
في الواقع إن الدولة المعارضة لنظام الأسد هي التي تعرقل الوصول الى حل. من الأكيد أو روسيا والصين وحتى إيران وهي الدول الداعمة لنظام الأسد لن تخوض حرباً عالمية من أجل سواد عيون الأسد. ولكن من الأكيد أيضاً أن القوى المناوئة للأسد تستند على هذا للمطالبة بـ«كل شيء أو لا شيء». منذ بدأ الحديث عن حل سياسي ساد هذا المبدأ لسان حال المعارضة وعبأ تفكيرها وملأ خطط الدول الإقليمية الداعمة لها. إنه مبدأ النصر بلا حدود وهزيمة الآخر بلا حدود وهو مجافي للمنطق لأنه يطلب من الآخر أن يعطي وكأنه خسر المعركة فيدفع الآخر لخوض المعركة طالما أن النتيجة هي نفسها. من هنا يأتي دمار بلاد الشام. من غياب منطق التفاوض المبدئي لتجنيب الشعوب ويلات الحروب، من غياب التنازلات المتبادلة وصولاً لحقن الدماء.
منطق هذه الدول هو القول «إن لم تكن معي على طول الخط فأنت ضدي» إنه منطق جورج بوش وتدويره في الإعلام اليوم هو الذي يوقظ ذكريات تدفع نسبة كبيرة من الرأي العام لمعارضة ضرب سوريا.
هذه هي روحية الرسائل التي تصل إلى الصحيفة.