- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

قضية رأي عام

Najat 2013_2نجاة شرف الدين

في كل مرة تقرع فيها طبول الحرب في أي مكان ، تخرج الى الواجهة حركات المعارضة للرأي العام العالمي في الشارع ، المناهضة للقتل والداعية لإحلال السلام ، وفي كل مرة ينتصر قرار السلطة السياسية والعسكرية بالذهاب الى الحرب ، ويكتفي المتظاهرون كما الإعلام بنقل صورة مشهد الموت والدمار الى العالم ومن ثم تحليل وقراءة تبعات الحروب ونتائجها على الواقع كما دراسة مدى الخطأ الذي حصل بفعل قرار الحرب وإنما بعد فوات الأوان .
هذا الموقف عاشه العالم العربي خلال حرب العراق في العام 2003 ، وما رافقها من معارضة الرأي العام العالمي ، والتظاهرات التي جابت العالم ترفض الحرب لكنها لم تستطع أن تمنعها ، وشكلت الولايات المتحدة الأميركية تحالفها الذي خاض الحرب ، بمعزل عن رأي الشارع الذي هو من إنتخب هذه السلطة ، لا بل أعاد إنتخابها كما فعل مع جورج بوش الإبن في العام 2004 لولاية ثانية .
اليوم بدأت طبول الحرب تقرع في إتجاه سوريا ، ويحاول الرئيس الأميركي باراك أوباما الحائز على جائزة نوبل العالمية للسلام  ، إقناع سلطة الكونغرس بالموافقة على توجيه ضربة عسكرية ، بغض النظر عن حجمها وهدفها ، الى سوريا ، وتنطلق النقاشات في أميركا كما في العالمين الغربي والعربي ، تأييدا أو معارضة لها ، وتعود تظاهرات الرأي العام للنزول الى الشارع معارضة تكرار تجربة العراق أو تجربة القتل ، وتنطلق إستطلاعات الرأي لتشير في أوروبا ، الى أن بريطانيا التي عارض مجلس عمومها الضربة العسكرية ، وإنطلقت فيها تظاهرات ” أوقفوا الحرب ” قد عارضها أيضا الشارع بأكثرية 75 بالمئة من الشعب بالرغم من موقف رئيس وزرائها ديفيد كاميرون المؤيد للضربة ، وفرنسا المؤيدة للضربة ، عارضها شارعها بأكثرية 64 بالمئة ، أما ألمانيا المعارضة للضربة والتي أيدت ردا قويا من دون تحديد كما جاء في بيان الإتحاد الأوروبي ،  فدلت  الإحصاءات الى معارضة 75 بالمئة من شعبها ، وحتى تركيا التي يترأس رئيس وزرائها رجب طيب أردوغان لائحة الداعمين للحرب ضد النظام السوري فعارض هذه الضربة 72 بالمئة من شعبها ، أما في الدول العربية التي تغيب فيها الإحصاءات فعارضت في اجتماع الجامعة العربية مصر والجزائر والعراق وليبيا ، ونأى لبنان بنفسه ، وأيدت الدول الخليجية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية وقطر توجيه ضربة عسكرية كما باقي الدول .
في ظل هذا الجو من الانفصام بين الشارع والسلطة بالدعوة الى توجيه ضربة عسكرية للنظام في سوريا ، أطل البابا فرنسيس بدعوة الى الصلاة والصوم  من أجل السلام في سوريا داعيا الى المصالحة والحوار وقائلا ” لا يمكن ابدا للعنف وللحرب أن يكونا طريقًا للسلام ” وترددت هذه الدعوات في عدد من الدول ، ورافقها مواقف وتصريحات تدعو الى حل سياسي وليس عسكريا .
الرأي العام بدأ يشكل قضيته ويتحرك نزولا في الشارع من أجل رفض الحرب والعنف والدم ، والسلطة السياسية والعسكرية تستكمل إجراءاتها العملية من أجل توجيه الضربة ،  خطان متوازيان يعملان  بزخم ، واحد من أجل منع الحرب والآخر من أجل إنطلاقها ، فهل يستطيع الخط الرافض لهذه الحرب أن يمنعها ، أم ستبقى نظرية الخطان المتوازيان قائمة بأنهما لن  يلتقيا أبدا ؟