لم تكف كل الأسباب التي ساقها علماء الدين السعوديون، وكل الحجج الدينية والمجتمعية والأخلاقية التي جيّروها لمنع النساء من قيادة السيارات، فتفتقت عبقريتهم عن بدعة جديدة تربط بين عذرية المرأة والسماح لها بالقيادة. فما أن تجلس السيدة السعودية خلف مقودهها حتى تتحول المملكة “وكراً للرذيلة، تفقد فيه البنت عذريتها، ويسوده الشذوذ، وتتزايد فيه حالات الطلاق”.
فقد كشفت صحيفة ” ديلي ميل” البريطانية عن تداول تقرير “علمي” بين أعضاء مجلس الافتاء الاعلى في المملكة العربية السعودية “يربط بين عذرية النساء والسماح لهن بقيادة السيارة”.
وذكرت الصحيفة “أن تقريرا جديدا يُتداول حالياً بين كبار السياسيين، حذّر من أن رفع الحظر والسماح بقيادة المرأة للسيارة سيجعل البلاد وكراً للرذيلة، وتختفي عذرية البنات، ويسود الشذوذ لدى الرجال”.
وحذر الاستاذ السابق في جامعة الملك فهد، كمال صبحي، من أن السماح للمرأة بقيادة السيارة من شأنه أن “يُحدث زيادة في الدعارة والمواد الإباحية ويتسبب بزيادة حالات الطلاق”، متوقعا أنه و”في غضون عشر سنوات من رفع الحظر لن يكون هناك المزيد من العذارى في المملكة”. وأكد صبحي، الذي أرسل التقرير إلى جميع أعضاء مجلس الشورى، وهو الهيئة التشريعية في البلاد، “أن هذا التراجع الأخلاقي ملحوظ بالفعل في دول الخليج الأخرى، التي تسمح للنساء بقيادة السيارات”.
وانطلق صبحي مما أسماه تجربته الشخصية ليبرر هذا الاعتقاد، قائلاً: “كنت جالساً في مقهى في دولة عربية (لم يذكر اسمها)، وكانت النساء ينظرن إليّ، وقدمت لي أحداهن إشارة بأنها متاحة.. هذا ما يحدث إذا تم السماح للنساء بقيادة السيارات”.
وقد قامت بالفعل حملات على موقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك” تناهض اعطاء النساء الحق في القيادة، وكانت أشهرها حملة “العقال”، التي أبدى الموقعون عليها “رغبتهم في حمل العقال لضرب كل من تسول لها نفسها قيادة السيارة”.
إلا أن وسائل الإعلام بثت تجارب لعدد من النساء اللواتي تجرأن وخضن تجربة القيادة في مناطق المملكة المختلفة، على الرغم من صدور قرار بجلد احداهن.
وسبق وان تمنت الأميرة عادلة، ابنة العاهل السعودي الملك عبد الله، السماح للمرأة بقيادة السيارة، قائلة: “أتمنى أن نتجاوز مسألة منع المرأة السعودية من قيادة السيارة إلا أن الأمر ليس بيدي”. وكان الأمير السعودي الوليد بن طلال شكك في مسوغات منع النساء من قيادة السيارات، معتبراً أن رفع الحظر سيكون “خطوة أولى سريعة لخفض اعتماد المملكة على الملايين من العمالة الأجنبية”، مشيراً الى أنه “يمكن للمملكة أن تعيد نحو 750 ألف سائق أجنبي إلى بلادهم إذا سمح للمرأة بقيادة السيارة”.
وأضاف أن المجتمع السعودي يحتاج إلى “خفض العمالة الأجنبية”، متسائلاً عن سبب “التردد في إلغاء منع النساء من قيادة السيارات”.
يُذكر أن المرأة السعودية ممنوعة من قيادة السيارة، وتخضع لنظام “ولي الأمر” الذي يفرض عليها تقديم موافقته، سواء كان والدها أو أخاها أو زوجها، من أجل السفر واحيانا من أجل العمل.