- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

الحسين هاتف الحسن …

Najat 2013_2نجاة شرف الدين

لم تهدأ العاصفة الإعلامية التي أحدثها الإتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس الأميركي باراك حسين أوباما، بالرئيس الإيراني حسن روحاني ، في طريق الأخير الى مطار جون كينيدي في نيويورك مغادرا الى بلده، والذي قطع خلاله مسافة أربعة وثلاثين عاما من إنقطاع التواصل بربع ساعة هاتفية ، كانت كافية لتحمل في ختامها وداعا أراده الرئيس الأميركي بلغة الضيف الفارسية ليرد له التحية التي كان الرئيس الإيراني قد عبر عنها بلقاء متلفز مع كريستيان أمنبور في قناة الـ«سي أن أن» ، والتي طلبت منه في ختام لقاءهما كلمات باللغة الإنكليزية .

هذا الإتصال الذي إستعيض عنه بدلا من اللقاء المباشر ، كما كان يتأمل البعض ، كان سبقه جملة من الرسائل من المقال الذي نشره روحاني في صحيفة الواشنطن بوست الى الخطاب الذي ألقاه في الجمعية العامة للأمم المتحدة وصولا الى لقاء وزيري خارجية البلدين ،  حمل مؤشرات عديدة يمكن إذا  ما ترجمت عمليا أن تؤسس لتحول لن يقتصر على العلاقة الأميركية الإيرانية فقط ، بل يرسم ملامح تداعيات على منطقة الشرق الأوسط ككل.
وعلى الرغم من الإستقبال  الذي لقيه روحاني في طهران من تظاهرات مؤيدة وأخرى معارضة له ، كما من  الإنتقاد العلني الذي عبر عنه قائد الحرس الثوري الإيراني الجنرال محمد علي جعفري الذي إعتبر أنه كما رفض لقاء أوباما كان عليه أن يرفض التحدث إليه عبر الهاتف وينتظر أفعالا ملموسة من جانب الحكومة الأميركية ، فإن العين تبقى على موقف المرشد الأعلى علي خامنئي ، الذي بموقفه الصامت يعبر عن الرضى عن الأداء الروحاني .
في المقابل ، فإن موقف الرئيس الأميركي الذي تبعه دعم شعبي  من خلال إستطلاع أجرته قناة الـ«سي أن أن» أشار الى أن 76 بالمئة من الأميركيين يؤيدون مفاوضات مباشرة مع إيران للحؤول دون تطوير طهران للأسلحة النووية ، واكبه أيضا موقف وزير خارجيته جون كيري من خلال ترجيحه أن يتم التوصل لاتفاق سريع مع إيران قائلا في حديث مع قناة ” سي بي أس “إن الجهود الديبلوماسية المكثّفة لحل الخلاف بشأن البرنامج النووي الإيراني قد تسفر عن اتفاق في غضون الإطار الزمني الذي دعا إليه الرئيس الإيراني حسن روحاني والذي يتراوح بين ثلاثة إلى ستة أشهر”.
هذه الأجواء الإيجابية التي عكستها التصاريح كما الإعلام لم تخف في جانب آخر التخوف من الفشل والدعوة الى الحذر ، لا سيما ما عبر عنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي وصف كلام روحاني بالكذب
إلا أنه عاد وأعرب بعد لقاءه أوباما في البيت الأبيض عن تقديره لـ”إيضاح أوباما أن واشنطن ملتزمة بمنع طهران من امتلاك سلاح نووي” مشيرا إلى أن إيران “ملتزمة بتدمير إسرائيل ويجب إرغامها على تفكيك برنامجها النووي بالكامل”.ورد عليه أوباما بتأكيده أنه سيكون حذرا في مباحثاته مع طهران قائلا “إن “كلمات إيران ليست كافية ويجب أن تعطي المجتمع الدولي الثقة من خلال الأفعال”، مشيراً إلى أنه متفق مع نتنياهو على ضرورة ألا تمتلك طهران سلاحاً نووياً.
روحاني الذي أعاد معه الى إيران قطعة أثرية فارسية عمرها 2700 سنة هدية من الإدارة الأميركية وتبلغ قيمتها أكثر من مليون دولار ، سحر الإعلام الغربي أثناء وجوده في نيويورك وشبهه البعض بـ “الذئب بثياب حمل ” ، إلا أنه جعل العديد من المسؤولين الأميركيين يرون في إنتخابه رسالة ثقة يمكن البناء عليها للمرحلة المقبلة ، وهو ما عبر عنه مستشار الأمن القومي السابق زبغيني بريجنسكي الذي رأى أنه ” يمكننا إيجاد وسائل للثقة تجعلنا نعقد صفقة مع إيران ” مشيرا في رد على سؤال عن الموقف الإسرائيلي بقوله ” إسرائيل لديها حماسها (في إشارة الى التشدد الإسرائيلي) وعلى نتانياهو التعامل معه “.
بغض النظر عما جعل روحاني ينحو باتجاه التفاوض، أكان ضغط العقوبات الإقتصادية على إيران أم توجه إصلاحي وإنفتاحي جديد ، وبغض النظر عما جعل أوباما ينحو باتجاه القبول التفاوض الدبلوماسي ، أكان رفضه للدخول في حروب جديدة أم الهروب من أزمات داخلية وخارجية ، فإن تحولا بدأت تظهر ملامحه في الأفق  ويمكن ان تؤدي نتائجه الى تسوية شاملة على ملفات المنطقة لتتجاوز إتصال الحسين الى الحسن الى ما بعد بعد النووي…