وسيم نصر
معلومات مهمة جداً تتناقلها وسائل الإعلام الكبرى والصغرى، ألا وهي أن سوريا أصبحت من الدول القليلة التي تملك منظومة الدفاع الجوي س٣٠٠ فخر الصناعة الروسية. هذه المنظومة بإمكانها رصد ١٠٠ هدف والإشتباك مع ١٢ هدفاً في الوقت نفسه كل ذلك خلال ٥ دقائق.
الروايات تتشابه لتقول أن سُفناً للبحرية الروسية هي التي أوصلت هذه الصواريخ إلى سوريا. فعلاً لقد اقتربت سفن روسية من الشاطئ السوري مؤخراً، نعرف أيضاً أن وفداً عسكرياً سورياً قد زار روسيا مؤخراً.
وسائل الإعلام الروسية نقلت خبر هذه الزيارة منذ أوائل شهر أيلول (سبتمبر) الماضي. الوفد العسكري السوري حضر لمناسبة تدريبات مجموعة الدول المستقلة “تسنتزر٢٠١١”. هذه التدريبات كانت قد بدأت في شهر آب لتنتهي في تشرين الثاني. صحيفة إسفتزيا التابعة للحزب الشيوعي الروسي هي التي نقلت هذا الخبر في السادس من أيلول وهي التي قالت إن الوفد السوري سيتمكن من حضور تدريبات على منظومات س٣٠٠ وحتى س٤٠٠ الأكثر تطوراً؛ في نفس المقال الصحيفة تعلن عن شراء سوريا لمنظومات بانتسير س١، منظومات س١٢٥، س٢٠٠ وإيغلا الذي يوازي تقنياً صاروخ ستينغر الأميركي.
لكن ما الذي يجدر ذكره هو أن مصدر المعلومة بخصوص حيازة سوريا على منظومة س٣٠٠ هو واحد، ألا وهو مقال في جريدة القدس العربي الصادرة في لندن. لكن المقال كُتب من دمشق مما يدعو إلى الحذر. لأنه حتى من دون التشكيك في نزاهة أو مهنية كاتب المقال، لا يمكننا الجزم أنه لم يقع ضحية تلاعب وتضليل من قبل الأجهزة السورية.
موسكو كذبت الخبر بطريقة غير مباشرة من خلال روسلان بوخوف مدير مركز موسكو للدراسات الإستراتيجية والتكنولوجية. إذ أن بوخوف قال إن روسيا ليست بحاجة إلى إستعمال وسائل ملتوية طالما أن سوريا ليس محظور عليها شراء أي نوع من الأسلحة لتاريخه؛ ليعود ويضيف أنه بكل الأحوال السفن الحربية الروسية المفروض أنها أوصلت الصواريخ ليست معدة أبداً لمثل هكذا مهمة.
لكن ما قد وصل فعلاً إلى سوريا، نسبة إلى الوكالة الروسية إنترفاكس، هو صواريخ بـ٨٠٠ ياخونت للدفاع عن السواحل وهي صواريخ أسرع من الضوء، يمكنها إصابة هدف على بعد ٣٠٠ كلم ويمكنها حمل رأس متفجرة بزنة ٢٠٠ كلغ.
سوريا هي بين أكبر مشتري الأسلحة الروسية، فلسنة ٢٠١١ قيمة العقود بين الدولتين هي بقيمة ٣،٥ مليار $. المنظومات التي تشملها العقود المختلفة هي التالية: ٣٦ منظومة بانتسير ١س، ٨ م نظومات بوك م٢ي (كلاهما للدفاع الجوي)، ٢٤ طائرة ميغ٢٩م٢، ١٢ طائرة ميغ ٣١ي منهم ٥ قيد التصنيع حالياً في نيجني نوفوغورود. اختارت القوات الجوية السورية هذه الطائرات لقدرة رادارتها المتفوقة على الإنذار المبكر. كل ذلك علماً أن المسؤولين الروس أعلنوا مراراً أنهم سيلتزمون بكل العقود الموقعة مع سوريا.
من جهة أخرى، نشر موقع إنفوسيري (المعروف بمساندته للنظام السوري) خرائط تُفصل منظومات الدفاع الجوي والرادارات على كامل الأراضي السورية؛ الجدير بالذكر هو أن هذه الخرائط لا تشير إلى وجود أي منظومة طراز س٣٠٠. يعيل الموقع نشر هذه الخرائط لفضح نوايا المعارضة السورية التي وبحسب قوله نشرت هذه الخرائط على موقعها لمساعدة أعداء سوريا. لكنه بعد البحث والتدقيق لا نجد أي أثر لهذه الخرائط إلا على الموقع الموالي للأسد.
مما يدعو إلى الشك والريّبة ويضعنا على طريق التلاعب الذي يمارسه النظام لإبعاد شبح الحظر الجوي.
هذا النشر تزامن مع آخر تصريح لوزير الخارجية السوري وليد المعلم والذي تضمن عرضاً لفيديوهات قال أنها “تبرهن عن وجود إرهابيين في سوريا وتظهر وحشيّتهم”. إلا أن هذه الفيديوهات لسوء الحظ تظهر مقاتلين في طرابلس شمال لبنان خلال أحداث صيف ٢٠٠٨ بين العلويين والسُنة. حتى الفيديو الذي يظهر رجلاً معلقاً هو لمصري قُتل على يد لبنانيين بعد أن تبين أنه قام بعملية إغتصاب وقتل.
لذا كل المعلومات التي تأتينا من الداخل السوري يجب أخذها بحذر شديد لأنه حتى المعارضين للنظام الناشطين على الإنترنت قاموا بنشر فيديوهات قائلين أنها لحزب الله في سوريا إلا أنه تبين أيضاً أنها من معارك لبنان عام ٢٠٠٨. لكن المعارضين لا يلزمهم الكذب والمبالغة لإظهار وحشية القمع مع وصول عدد القتلى أقله إلى ٤٠٠٠ قتيل وذلك بحسب آخر تقرير للأمم المتحدة، بينما يدل لجوء النظام إلى مثل هذه الوسائل التي من الممكن دحضها بسهولة، أنه بات على شفير الهاوية وأن خياراته باتت جداً محدودة.