باريس – بسّام الطيارة (خاص)
هدأت موجة الاستفتاءات حول ما يريده وما لا يريده الفرنسيون في شأن ضرب سوريا، ولكن لم تهدأ حركة وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس ولا السفير الفرنسي السابق في دمشق إيريك شوفاليه. ورغم أن الحديث يدور كثيراً عن جنيف ٢ والتحضير له إلا أن «برس نت» علمت من مصادر مقربة من الملف أن «تغيرات كبرى تجري على قدم وساق لإعادة هيكلية الجيش السوري الحر» الذي أثبت فشله في استيعاب ضربات الكتائب المجاهدة. وأكد المصادر بأن «دور سليم ادريس» بدأ بالتراجع وأن من الوجوه الصاعدة اليوم والتي تأمل باريس بأن تستلم القيادة العقيد الطيار قاسم سعد الدين العضو والناطق الرسمي باسم المجلس العسكري الأعلى لهيئة الأركان في الجيش السوري الحر، الذي يزور باريس واستمعت إليه لجنة الشؤون الخارجية (انقر هنا). وتبرر هذه المصادر «تراجع الحظوة» التي كانت تحيط بإدريس إلى «ضياع» كميات كبيرة من المعدات (مناظير ليلية) كان قد «تعهد» بضمان عدم وقوعها في أيدي الكتائب الجهادية، إلا أن المخابرات الفرنسية كشفت قبل أيام إبان معارك الشمال بين الألوية الإسلامية التابعة للجيش السوري الحر وبين قوات «داعش» أن هذه المعدات باتت في أيدي الكتائب الجهادية. كما أن إدريس لم يستطع المحافظة على تماسك الألوية التي استلمت أسلحة الغربيين وكان انفصال عدد من الكتائب عن الجيش السوري الحر وانضواءها تحت لواء جبهة النصرة بمثابة «فشل شخصي له» إذ أنه كان قد أكد خضوعها التام لغرفة العمليات المشتركة قبل أن «تنتقل بسلحها ومعداتها» (armes et bagages) إلى جانب الجهاديين حسب قول تلك المصادر.
من هنا فإن باريس «تتأنى اليوم في الترويج لجنيف ٢ عملياً وتدعمه إعلامياً» وقد كشفت المصادر بأن الدبلوماسية الفرنسية تسعى لإشراك «أكبر عدد ممكن من دول أصدقاء سوريا» في جنيف ٢ في محاولة لدعم المعارضة العلمانية التي يمثلها الائتلاف المعارض بعد أن ثبت «توافق الروس والأمريكيين» على دعوة فصائل من المعارضة الداخلية التي تشمل تنسيقيات تعمل في الداخل إلى جانب «معارضة معتدلة» مقربة من النظام دعا وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف إلى فتح أبواب المشاركة أمامها إضافة إلى … إيران، التي لم يعد ممكنا إقفال الباب بوجهها بعد التقارب الأميركي الإيراني الأخير.
من هنا فإن باريس التي رأت أن الاتفاق الأميركي الروسي يدفعها وحليفتها السعودية نحو «الصف الثاني» من الدول المؤثرة في المسألة السورية وبالتالي تريد أن تشرك الدول الخليجية الداعمة لسوريا ومجموعة الـ ١١ التي تلتئم في صيغة «دول أصدقاء سوريا»، في محاولة للعودة للعب دور في قاطرة مباحثات جنيف ٢ .
ورغم القناعة التي توصل إليها «الجميع» بأن لا حل إلا سياسي واستحالة حسم المعركة على الأرض إلا أن هذا لا يمنع باريس والرياض من محاولة تسريع عملية قلب التوازنات على الأرض عسكرياً للمزيد من التوازن حول طاولة المفاوضات حتى يمكن «الوصول إلى حل سياسي» مقبول. إلا أن المصادر الفرنسية لا تخفي أن المعارك في الشمال وتراجع الجيش السوري الحر الذي تدعمه باريس بقوة يقلب الحسابات رأساً على عقب خصوصاً وأن الكتائب الجهادية أعلنت معارضتها لأي مفاوضات مع النظام السوري.