نقطة على السطر
بسّام الطيارة
صفق العرب كثيراً لـ«فيتنام». ما من زعيم عربي اليوم لم يصفق في شبابه أو يرتعش للنصر الذي حققه الفيتناميون لتحرير بلادهم من الفرنسيين ثم من الأميركيين. عندما نقول الفرنسيين نشير إلى ثاني قوة عظمى استعمارية قبل الحرب العالمية الثانية إلى جانب بريطانيا. عندما نقول أميركيين نتحدث عن «القوة العظمى» التي هيمنت بعد تلك الحرب… حتى اليوم. قبل أيام توفي أحد صناع هذا النصر: الجنرال فون نغوين جياب الذي هزم فرنسا وأميركا.
بالطبع التنظيم والطاعة والانتظام كان وراء هذا النصر إلى جانب تضحيات كبيرة وكثيرة، ولكنها تضحيات بعيدة عن الغوغائية الاستشهادية التصويتية التي تنزع عن الحركة كل معالمها الإنسانية فتبعثر المؤيدين وتصبغ الحراك بألوان وحشية وتقود الثورة نحو عدمية عاقرة.
عندما أرسلت باريس مع بداية حركة الاستقلال وفداً لمقاربة «حل تفاوضي» (تقرير مصير داخل اتحاد مع فرنسا)، وفي أول لقاء مع الوفد «المُستَعمِر» كان الجنرال جياب هو من يرأس الوفد الفيتنامي. حضر اللقاء الصحفي الفرنسي «جان لاكوتور». وبعد المقدمات والعرض الفرنسي كان جواب الجنرال جياب «إذا لم تقبل فرنسا شروطنا التي لا يمكن أن نحيد عنها والتي يمكن اختصارها بكلمتين: استقلال وثم تحالف، وإذا كانت فرنسا غير متبصرة وتستعد للبدء بنزاع، عليكم أن تدركوا بأننا سنقاوم ونحارب حتى الموت، ولن يردعنا أي عائق أيا كانت النتائج الإنسانية أو الدمار».
هكذا يكون التفاوض. يكون ملازماً للاستعداد للنزاع وليس تفاوضاً استعداداً للتنزالات تليها تنازلات.
كان الجنرال جياب يقول لرجاله قبل المعركة «حافظوا على أنفسكم استعداداً لمعركة الغد».
هكذا يكون القتال. معركة تلي معركة وليس تفجيراً انتحارياً لا يلعب أي دوراً استراتيجياً في تغير مسار معركة ويؤلب الأصدقاء قبل الأعداء.