باريس – بسّام الطيارة
نتائج انتخابات بلدة برينيول ليست تسونامي تقلب الميزان السياسي في فرنسا إلا أنها جاءت مثل الارتجاجات التي تسبق الزلزال. نبهت إليها كافة استفتاءات الرأي وتوجهات المواطنين في المقابلات التلفزيونية ولكن لم يقتنع بها الحزبان الرئيسيان في فرنسا: إن قوة اليمين المتطرف في تصاعد مستمر خصوصاً منذ أن استلمت (ورثت) مقاليد إدارة الجبهة الوطنية مارين لوبن ابنة مؤسس الحزب جان ماري لوبن.
انتخابات فرعية محلية قد لا ترتدي أهمية وطنية لكنها تعكس التعاطف الجديد الذي تتمتع به الجبهة بين المواطنين الفرنسيين الذين ضاقوا ذرعا بتردي الوضعين الأمني والاقتصادي. فقد أظهرت نتائج رسمية نهائية فوز مرشح الجبهة الوطنية لانتخابات مناطقية جزئية في بلدة «برينيول» (جنوب) في الدور الثاني بنسبة ٥٣،٩ بالمئة من أصوات البلدة الصغيرة التي يقطنها ١٧ الف ساكن ويتولى رئاسة بلديتها شيوعي، .
وحصل «لوران لوبيز» الذي بات نجم نشات الأخبار على ٥٠٣١ صوتا مقابل ٤٣٠١ لمنافسته من حزب الاتحاد من اجل حركة شعبية اليميني «كاترين ديلزير»، وذلك رغم أن الاشتراكيين قد طلبوا من مؤيديهم «التصويت الجمهوري» أي التصويت لليمين الوسطي المحافظ في محاولة منع الحزب المتطرف من قطف ثمار التنافس بينهما .
وعلى الفور اشادت رئيسة الجبهة الوطنية مارين لوبين بفوز مرشحها أمام مرشحة المعارضة المحافظة ما يؤكد برايها “نهاية الجبهة الجمهورية”. وذكرت بان الحزب الاشتراكي الحاكم في فرنسا دعا إلى التصويت لمنافسه في الدور الثاني من هذا الاقتراع لاسقاط مرشح الجبهة. وبحسب لوبين فانه حتى ان كان الامر يتعلق بمجرد انتخابات اقليمية جزئية فانه «ينبىء بارادة تغيير لدى الفرنسيين الذين سيعبرون عنها وسيحشدون» طاقاتهم للانتخابات البلدية ربيع ٢٠١٤.
ودلت استطلاعات للرأي نشرت الاسبوع الماضي في مجلة «نوفيل اوبسرفااتور» الاشتراكية أنه في حال حصول انتخابات للبرلمان الأوروبي فإن الجبهة الوطنية ستفوز بـ ٢٤ في المئة من الأصوات بينما يحل اليمين المحافظ في المرتبة الثانية بـ ٢٢ في المئة ويكتفي الحزب الحاكم الاشتراكي بـ ١٩ في المئة.
إن دلت هذه الأرقام على شيء فهو أن فرنسا، مثلها مثل دول أوروبية عديدة، باتت أكثر يمينية ولم يعد من المستبعد أن يصل اليمين المتطرف إلى الحكم. ولكن حالة فرنسا تختلف كثيراً عن حالات الدول الأخرى التي وصل إليها اليمين، ففي فرنسا حوالي ٦ ملايين فرنسي مسلم إضافة إلى ملايين المهاجرين من أفريقيا وبلاد مسلمة ما قد يسبب بتوتر اجتماعي وسياسي كبير إذ أن محاربة الهجرة وانتقاداتها للإسلام وعادات المسلمين وتفضيلها «للفرنسي الأصيل» هي في أعلى سلم أولويات الجبهة الوطنية.