- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

أميركا تصلي .. والإتفاق آت

Najat 2013_2واشنطن – نجاة شرف الدين

ربما يكون المشهد حديثاً بالنسبة للأميركيين ، وربما عايشوه لفترات محددة كانت كافية لإقناع طرفي الأزمة أي الديمقراطيين والجمهوريين بأن يناقشوا ويأخذوا القرار بوقف نزيف الدولة ، لكن الأميركيين اليوم يبدو أنهم ضاقوا ذرعا بحاكميهم لتظهر إستطلاعات الراي بأن ستين بالمئة هم مع تغيير الكونغرس كاملا بما فيه ممثلي مناطقهم ، وهو موقف لم تعرفه أميركا منذ الأزمة المالية العالمية في العام 1929 .
هذه اللحظة التي يعيشها الأميركيون والتي تعكس مللا من المناكفات السياسية خاصة أن 51 بالمئة من الأميركيين يعتبرون ان لا الديمقراطيين ولا الجمهوريين يمثلونهم ،  والتي تنعكس على وضعهم الإقتصادي والإجتماعي لتضاف الى الأزمات السابقة ما بعد أزمة العام 2008 والتي أدت الى تزايد العاطلين عن العمل والى تراجع في الأسواق المالية ، يبدو أنهم لا يريدون تكرارها وهم بموقفهم حتى البعيد عن الإصطفاف السياسي يريدون قيادة تقدم لهم إجابات وليس أسئلة ، كما تحميهم من تدهور إقتصادي ومالي جديد يطيح بما بقي من تقديمات إجتماعية ضئيلة وحد أدنى من الإستقرار .
هذا المشهد الذي إذا لم يتم تسويته قبل يوم الخميس في السابع عشر من الشهر الحالي ، وهو الموعد المحدد لرفع سقف الدين سيؤدي تلقائيا الى تخفيض النفقات على كل البرامج الحكومية الإنفاقية وبشكل شامل ، وهو ما سينعكس على كافة القطاعات وصولا الى تزايد أعداد العاطلين عن العمل نتيجة خسارة العمال لوظائفهم كما على البرامج الصحية وعلى الأوضاع المالية العامة .
النقاشات في واشنطن لا تتوقف ، ووسائل الإعلام الأميركية تخصص معظم مساحاتها للحديث عن إمكانية التوصل الى صفقة ما قبيل التاريخ المحدد وهو 17 أكتوبر ، وعلى الرغم من التحركات والتظاهرات التي إحتشدت أمام البيت الأبيض للمطالبة بالعودة عن إقفال مرافئ الدولة وإيجاد حل للأزمة ،وعلى الرغم من دعوات الهيئات والبنوك  الدولية للتوصل الى إتفاق ، وعلى الرغم من النداءات العديدة التي أطلقت والتي كان آخرها نداء  القس  في مجلس الشيوخ باري بلاك  ، الذي فاجأ فيه المصلين بتوجيه كلامه للكونغرس والقول “حان الوقت لمشرعي القانون للقول كفى يعني كفى ، طالبا من الله مسامحتهم على خطاياهم التي إرتكبوها ” . بلاك قائد البحرية السابق والحائز على شهادة دكتوراه في علم النفس ، ولديه إحترام وتقدير كافة أعضاء الكونغرس من جمهوريين وديمقراطيين  ، والعديد منهم يشاركونه في صلاة الفطور ودراسة الإنجيل والمستمر في صلواته اليومية داعيا للوصول الى حل يقول ” أنا تتم مكافأتي من الله ، وأنا أتوجه له ، ومجرد سماعهم لدعائي وحده يمنحني مصادفة  إيجابية لما أقوم به ”
الصلاة والدعوات الى حصول المعجزات ، هي ما يميز حياة الأميركيين اليوم في ظل غياب النقاش الفعلي ، وتشبث الديمقراطيين بموقفهم في تصعيد اللهجة والقول لن نناقش وإما القبول أو الرفض للمشروع ، وفي الوقت نفسه محاولة إيجاد تسويات مع الجمهوريين من خلال الإتصالات الهاتفية وحتى اللقاءات ، وفي المقابل محاولة الجمهوريين إستنزاف الرئيس الأميركي باراك أوباما وعدم إظهاره بصورة ” البطل ” خاصة أن إستطلاعات الرأي أعطته الغالبية في موقفه من مشروع الموازنة وهو ما عزز موقفه برفض التسويات المشروطة والمؤقتة  ، وبالتالي فعملية الإقفال تنعكس سلبا على موقف الجمهوريين وحزب الشاي ، وبالتالي فالجميع محكوم بالتوافق لتمرير المشروع ووقف النزيف ، ولكن من يصرخ أولا أو يتنازل أولا ؟ فهل تنفع الصلاة أو المعجزة بوقف  اللعب على حافة الهاوية مجددا ؟