نقطة علي السطر
بسّام الطيارة
تشهد فرنسا مثلها مثل كافة الدول الأوروبية انزلاق مواطنيها بشكل عام نحو طروحات يمينية متطرفة، وبما أنها على أبواب انتخابات (مارس/آذار) وهي الأولى منذ وصول الاشتراكيين إلى الحكم فالأجواء هي لكسب أصوات هؤلاء المواطنين. صحيح أنها انتخابات محلية إلا أنها تعكس بشكل مباشر المزاج العام للفرنسين
فرنسا اليوم في أزمة اقتصادية. ونسبة كبيرة من الفرنسيين الذين يعانون من العنف في المدن وكساد الاقتصاد وتراجع القوة الشرائية يضعون اللوم على المهاجرين والأجانب في ما يصيبهم.
وكافة استطلاعات الرأي تدل على أن الجبهة الوطنية حاملة الشعارات الشوفينية العنصرية التي وضعت نصب عينيها «الغريب» لتوجه له أصابع الاتهامات بكل ما يحصل للبلاد، باتت الحزب الأول في نوايا التصويت (٢٤ في المئة).
لذا بدأت حكومة فرنسوا هولاند تغوص في إطار التشدد في هذه المسائل التي تشكل محرك الجبهة الوطنية، وباتت تطبق السياسة اليمينية «الساركوزية» التي كان الاشتراكيون ينتقدوها في عهد الرئيس السابق نيكولا ساركوزي مثل إعادة الغجر إلى بلادهم والتشديد على المهاجرين وإطلاق تصريحات تتسم بنوع من العنصرية بعيدة جداً عما وعد هولاند قبل انتخابه. وأبرزها ما حصل للفتاة الغجرية التي أنزلتها الشرطة من باص المدرسة لرحلها في نفس اليوم إلى رومانيا. ولم تكتف بذلك فقط بالتحرك في هذاالاتجاه بل يتم تطبيق هذه السياسة بشكل استعراضي لأنها تدخل ضمن إطار التمهيد للحملة الانتخابية.
ويتمسك هولاند بوزير الداخلية مانويل فالس ليخاطب هذه الشريحة من الفرنسيين الخائفين وكأنه يقول لهم لدينا ما لدى اليمين من حزم في الشؤون التي تشغل بالكم، وهو بذلك يلتصق باستطلاعات الرأي التي تشير إلى أن وزير الداخلية فالس هو الأكثر شعبية بين وزراء الحكومة، بينما شعبية هولاند في الحضيض وبلغت حداً أدنى لم تبلغه شعبية أي رئيس فرنسي سابقاً.
ولكن في الواقع فإن الشرطة الفرنسية التي تميل بشكل تاريخي لليمين تستغل هذا التوجه والضوء الأخضر الذي أعطاه فالس الوزير الشاب، لتذهب في بعض الأحيان أبعد مما يُطلب منها.
ولكن هذه السياسة تسبب ارتباكاً لدى لدى شريحة وسعة من اليسار الفرنسي ويصل هذا الارتباك إلى قسم كبير من الاشتراكيين: السكرتير العام للحزب «هارلم ديزير» قالها صراحة ما فعلته الشرطة هو شيء غير مقبول يجب أن تكون هناك محاسبة ومسؤولية.
ما لا يدركه الاشتراكيون. وخصوصاً هولاند هو أن المواطن الفرنسي يفضل دائماً الأصل على التقليد، وهذا ما خبره ساركوزي في الانتخابات السابقة حين حاول «التمدد» على طروحات اليمين المتطرف فلم يلحق به ناخبون مارين لوبن ما فتح باب الإليزيه لهولاند. وهذا تدركه الجبهة الوطنية ومرشحيها للانتخابات المقبلة، وهذا يفسر أن تسمح مرشحة يمينية لنفسها بمقارنة وزيرة العدل (المارتينيكية الأصول) بـ… القرد، وتقول عنها إنها «متوحشة تفضل أن تراها على الشجرة بدل من أن تكون في البرلمان».