- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

بازار الصفقة أم صفقة البازار ؟

Najat 2013_2واشنطن – نجاة شرف الدين
الضجيج الإعلامي الذي أحدثه إقفال المؤسسات الحكومية ، لا سيما لجهة النقاش حول تحميل المسؤولية ونتائج ذلك على الإقتصاد الإميركي  إضافة الى التخوف من عودة المشهد مجددا بعد نحو ثلاثة أشهر نتيجة الإزمة المؤجلة ، كل ذلك لم يستطع أن يحجب الحضور الإيراني في النقاش السياسي الأميركي إنطلاقا من زاوية الصفقة التي يتم التداول بها حول المشروع النووي الإيراني ومستقبل العلاقات الإيرانية الأميركية  ، ولو بدرجة ضجيج أقل ، بسبب الخطوات البطيئة والدقيقة في آن في تقريب وجهات النظر وبداية مرحلة جديدة مفتوحة على إحتمالات تبدأ بتخفيف العقوبات وبناء الثقة المفقودة بين الطرفين ولا تنتهي بوقف تخصيب اليورانيوم.
النقاش الإعلامي وخاصة الأميركي حول إيران والذي تجاوز مرحلة الصفقة الى الحديث عن نوعية هذه الصفقة وطبيعتها خاصة أن الإيرانيين إعتبروها “خريطة طريق ” عكس هذا النقاش جوا من الإيجابية وهو الذي رافق المفاوضات في جنيف والتي إستمرت يومين ووصفت بالعقلانية وتم خلالها الإتفاق على تجديد اللقاءات ، كما تم أخذ إقتراح وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بعين الإعتبار ، وكان هناك إجماع على إعتبار أن قناة الحوار قد فتحت ، وتبعها موقف أميركي يعرب عن ترحيبه بلقاء ثنائي مع الإيرانيين .

من جهته أعرب الرئيس الإيراني حسن روحاني ، الذي يواجه أيضا معارضة في الداخل الإيراني لهذا الموقف الإنفتاحي على أميركا ، عن تصوره أنه في ظل الظروف الراهنة في عالم اليوم فإن لعبة “ربح – خسارة” لم تكن موفقة مطلقاً، وعلى الجميع التفكير في لعبة “ربح – ربح”. وأوضح انه خلال لقائه بعض قادة بلدان العالم، على هامش إجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، شعر أن الظروف الحالية تختلف تماماً عن السابق وأنه خلال لقاءاته مع بعض قادة البلدان الأوروبية شعر كذلك أن الأجواء في الاتحاد الاوروبي تتطلب السير وفق أسلوب جديد.

وعلى الرغم من الإيجابية المعممة ، إلا أن موقف الإدارة الأميركية والذي يعكس موقف الرئيس باراك أوباما والبيت الأبيض ستكون محطة مواجهته الأولى في الكونغرس وهو المطالب بمزيد من العقوبات بدل تخفيفها حتى وقف التخصيب لليورانيوم، كما أن مواقف العديد من السياسيين والمحللين تدعو الى التريث في فتح صفحة جديدة مع الإيرانيين حتى إثبات النوايا عبر الخطوات على الأرض وألا يؤثر بعض الظهور الإعلامي للرئيس روحاني و ” الهجوم السحري ” الذي مارسه على الموقف الأميركي الرافض للنشاطات النووية لا سيما تخصيب اليورانيوم .

هذا الموقف السلبي من بداية الحوار الأميركي الأيراني ، والذي كان سبقه الإتصال الهاتفي بين الرئيسين أوباما وروحاني ، يلتقي أيضا مع محطة المواجهة الثانية وهي إسرائيل ، في ظل كلام   رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي أعرب عن إستياءه للتواصل منذ اللحظة الأولى وقال ” طالما لا نرى أفعالاً بل أقوالاً فحسب، ينبغي أن يستمر الضغط الدولي ويتكثّف”. محذرا من “شرعية ” ما أسماه “النظام المارق ” في طهران .كلام نتانياهو يترافق مع إتصالات إسرائيلية مستمرة مع الجانب الأميركي لإطلاعه على مسار المفاوضات حيث يجري وفد يترأسه وزير الشؤون الإستراتيجية ويضم مسؤولين في الإستخبارات ووزارتي الخارجية والدفاع لقاءات تتركز على المباحثات التي جرت مؤخراً في جنيف والموقف منها “. المحطة الثالثة في تأثيرات التقارب تأتي من حلفاء أميركا ولا سيما دول الخليج العربي التي أرسلت العديد من رسائل الغضب والاستياء من المشهد الجديد حتى ولو لم يتم ترجمته الى أفعال .

مما لا شك فيه أن البازار الإيراني قد فتح على مصراعيه ، وبدأت الرسائل والعروض تتقدم من أجل الإتفاق في ختامها على تحديد السعر المطلوب للحدود المسموحة للبرنامج ضمن صفقة محددة ، وفي المقابل تدرس الولايات المتحدة صفقة توفر من خلالها تخفيضا تدريجيا للعقوبات مقابل تراجع لتخصيب اليورانيوم ووقف البرنامج النووي ، فهل تنجح إيران في تحويل بازارها للحصول على صفقة تنفذها من وضعها الصعب نتيجة العقوبات أم تتحول الصفقة الأميركية  الى بازار توضع من خلاله كل الأوراق على الطاولة ليشكل تحولا في المشهد لن يقتصر على العلاقات الأميركية الإيرانية ليصل الى خريطة المنطقة الجديدة ؟