- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

” دبلوماسية التجسس ”

Najat 2013_2واشنطن – نجاة شرف الدين

لم يكد الرئيس الأميركي باراك أوباما ينهي أزمته في الكونغرس مع الجمهوريين ، والمتعلقة بالموازنة ، حيث تم تأجيلها لكسب المزيد من الوقت ، حتى إنفجرت في وجهه فضيحة جديدة تتعلق بعمليات التجسس التي تقوم بها أجهزة الإستخبارات الأميركية ، ووصلت شظاياها الى حلفاءه الأوروبيين وعلى رأسهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل . هذه الفضيحة التي إحتلت مساحات واسعة في النقاش الإعلامي ، إنعكست بشكل كبير على وضع إدارة أوباما ولا سيما في البيت الأبيض الذي وضع في موقع الدفاع وليس الهجوم ، في ظل كلام عن عدم معرفة الرئيس أوباما بالتقارير التي تشير الى عمليات التنصت على الهاتف وخاصة لشخصيات قيادية في الإتحاد الأوروبي .
فضيحة التنصت وهي شكلت الضربة الثانية لأوباما بعد أشهر على فضيحة مغادرة إدوارد سنودون ، المستشار السابق في وكالة الأمن القومي ، الولايات المتحدة وإستقراره في موسكو ، والذي قال عنه نائب مدير وكالة الإستخبارات الأميركي السي آي إيه ، مايكل موريل ، إن تسريباته هي الأخطر على الإطلاق في تاريخ الإستخبارات . كما نقلت صحيفة الغارديان البريطانية وثائق سرية سربها سنودون بأن مسؤولا في الإدارة الأميركية سلم وكالة الأمن القومي “إن إس إيه” قائمة بأرقام هواتف 35 زعيما حول العالم للتنصت عليها.

ما حصل من ردود فعل أوروبية خاصة في ألمانيا وفرنسا وإسبانيا وحتى البرازيل ، حيث ألغت دالما روسيف رئيسة البرازيل زيارة كانت مقررة الى أميركا إحتجاجا على ما قالت إنه عمليات تنصت ومراقبة لبريدها الإلكتروني ،كما تم إستدعاء السفراء الأميركيين إحتجاجا في كل من فرنسا وإسبانيا وغيرها، إضافة الى ان الصحافة الألمانية التي شنت حملة على الإدارة الأميركية حاول البعض منها تحييد الرئيس أوباما ، عبر القول أنه لم يكن يعلم فقد كشفت مجلة دير شبيغل السبت أن الولايات المتحدة ربما تنصتت على هاتف المستشارة الألمانية انغيلا ميركل لأكثر من 10 سنوات، وأن أوباما أبلغ ميركل بأنه كان سيمنع التنصت لو كان علم به فيما ونقلت صحيفة “بيلد ام سونتاغ” عن مصادر في الاستخبارات الاميركية، ان رئيس وكالة الامن القومي الاميركية كيث الكسندر ابلغ اوباما بعملية تنصت على اتصالات ميركل منذ العام 2010.وقال مسؤول في هذه الوكالة للصحيفة ان “اوباما لم يوقف هذه العملية بل تركها تستمر.

مسألة معرفة أو عدم معرفة الرئيس بتفاصيل برنامج المراقبة ، كانت مدار نقاش واسع في الصحافة الأميركية التي أجمعت على إعتبار أنه بغض النظر عن هذه المسألة فإن الرئيس هو من يتحمل المسؤولية ، حتى ولم يكن يعلم ، لأنه المفروض أن يعلم ، والتقصير بذلك يتحمله مكتبه ، وبالتالي فدور موظفي البيت الإبيض إبلاغه بالتفاصيل ، وهو أيضا ما حصل في تطبيق برنامج الرعاية الصحية ، حيث بدأ العمل به قبل إنهاء الإستعدادات وتعرض الموقع الإلكتروني الى العديد من المشاكل والتوقف ، لذلك بدأ العمل من أجل أن يتحمل المسؤولية من هم مقصرون في مكتبه أو إدارته .
كل هذه التطورات إستدعت من البيت الأبيض توضيحات ، حاول المتحدث جاي كارني أن يقدمها ، من دون ان ينجح في الرد على جميع الأسئلة ، محاولا القول إن العالم يتغير منذ عشر سنوات خاصة على المستوى التكنولوجي ، كما قدرة أعداءنا، وأن العلاقة مع الحلفاء تهمنا وهناك خطوات نحو المزيد من الشفافية مؤكدا ان عمل الإستخبارات لحماية شعبنا وحلفاءنا ، وهو كرر عدة مرات أن برنامج المراقبة لحماية أميركا كما حلفاءها واعدا بمراجعات مع المحافظة على الخصوصيات.
مما لا شك فيه أن إدارة أوباما تعرضت لهزة جديدة نتيجة فضيحة التجسس ، ومما لا شك فيه أن ما حصل زعزع العلاقة مع الحلفاء الأوروبيين ، حتى لو قالت وزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت أنه كان يتم التجسس عليها أثناء عملها معتبرة ذلك في إطار الحماية ، ومما لا شك فيه أن ما حصل سيكون له إنعكاسات على السياسة الخارجية الأميركية وخاصة مع أوروبا وزعماؤها ، إلا أن السؤال يبقى هل سيستطيع أوباما أن يتجاوز هذه الحمى التجسسية التي ضربت إدارته ؟ أم سيعتبر ها جزءا من الدبلوماسية بين الدول تحكمها إتفاقيات دولية ؟ وفي الحالين من سيتحمل المسؤولية المباشرة عما حصل ؟