- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

عدسة مروان طحطح تحوّل المآساة الى لوحة جماليّة

معمر عطوي

في مكان مُطل على بيروت من الجهتين الشرقية والغربيّة، لا يزال يحمل بصمات الحرب اللبنانية (1975-1990)، يعرض المصوّر الصحافي مروان طحطح بعض صوره التي تحكي مشاهد الدمار، لكن بطريقة مختلفة، معالجاً رواسب الحرب بعمليات تجميل تحولت معها العدسة إلى مبضع جرّاح يجعل الصورة حمّالة أوجه.
لقد اختار مصوّر جريدة «الأخبار» البيروتية، مكاناً واسعاً في الطابق الـ17 من مبنى الكونكورد، ليعرض لوحات منوّعة عن الفرح والحزن والحرب والسلام، عن الإنسان والطبيعة. هذا المكان شهد اقامة عناصر قوات الردع السوريّة في التسعينيات وميليشيات لبنانية أخرى، حيث تؤكد الكتابات التي تزدان بها الجدران أن المسلحين مروا من هنا، وأن هذا المكان المفتوح على فضاء العاصمة حتى البحر، يحمل ذاكرة الحرب ولغة سادت في تلك السنين، أصبحت طي النسيان أو مجرد نوستالجيا لبعض من شارك في هذه الحرب.
لهذا تآلفت صور طحطح مع الجدران العارية الا من بقايا شعارات ولغة منسية، ليصبح المشهد متكاملاً. فمشاهد الحرب التي التقطها طحطح لم تعد بتلك الصورة المآساوية التي كانت ترمز اليها في حينه، بل هي أطلال من الماضي يمكن تحويلها الى عبرة أو الى معلم يمكن رؤيته بذائقة جمالية خاصة.
من هنا نجد ان بعض الصور تحكي قصة الرصاص في الجدران ومتاريس القتال ومشاهد الحرائق، الى جانب صور أخرى ذات بعد انساني وجمالي، تعبّر عن صور واقعية من الحياة.
يقول طحطح لـ «أخبار بووم»، إن اختياره للحرائق لم يكن مقصوداً بقدر ما كانت الصورة هي التي تفرض نفسها على لعبة الاختيار للمشاركة في هذا المعرض. وعن مشاهد الحرب، يؤكد أنه أراد تصويرها من خلال رؤية معاكسة تجعل دلالاتها السلبية ايجابية وذات بعد جذاب من خلال التركيز على الاضاءة ووجهة التقاط الصورة، فظهرت إحدى الصور وكأنها على سطح القمر. أما عن كثرة صور الأرجل في معرضه، فيبرر ذلك بأنه يحب تصوير الأرجل، لكنه يؤكد أن بعضها لم يكن بهدف تصوير الرجل بل أتت في سياق صورة ذات ايحاء آخر كصورة المصلّي في المسجد.
لقد شهد المعرض الأول للمصور الشاب اقبالاً جماهيرياً كبيراً، وكان لكل من هؤلاء الزوار ذائقته وطريقته في فهم الصورة ودلالاتها. لكن ما أراده طحطح بالفعل هو جعل الزائر يرى المشهد من زاوية أخرى أكثر جمالية وايجابية حتى ولو كان هذا المشهد أحد رواسب الحرب المآساوية.