- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

إدوارد سعيد: احتفالية برلين بمناسبة عشرة أعوام على رحيله

PALESTINIAN INTELLECTUAL EDWARD SAID SPEAKS IN BEIRUT IN JUNE IN HIS LAST TRIP TO LEBANON.برلين ــ “دويتشه فيله”
بمناسبة مرور عشرة أعوام على وفاته تحتضن برلين هذه الأيام احتفالية بالمفكر الفلسطيني إدوارد سعيد، الذي يُعتبر من الشخصيات المؤثرة بشكل قوي في الفكر الإنساني. وكانت الاحتفالية مناسبة لاستحضار أفكاره ومناقشة مواقفه.
من 31 تشرين الاول/اكتوبر إلى غاية الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر توافد على برلين من مختلف أنحاء العالم عدد من الشخصيات المعروفة بوزنها في المجالات الفكرية والابداعية بهدف المشاركة في مجموعة من الندوات المرتبطة بالعمل الإبداعي للمفكر إدوارد سعيد، وإسهاماته. ولم تصادف الاحتفالية فقط ذكرى مرور عشر سنوات على رحيله في الخامس والعشرين من أيلول/سبتمبر 2003، وإنما أيضا عيد ميلاده السابع والسبعين في اليوم الأول من تشرين الأول.
وافتتح الفعاليات مدير بيت ثقافات العالم، بيرندت شيرر، وهي إحدى أكبر المؤسسات الثقافية في برلين، قائلا:”يهمنا أن نقوم بتكريم ادوارد سعيد، لأنه يمثل الخلفية الفكرية لهذه المؤسسة، مضيفاً:” نحن مدينون لإدوارد سعيد برؤية جديدة للعالم”.
وألقى المحاضرة الرئيسية عبد الفتاح كيليطو، وهو شخصية مغربية معروفة في عالم اللسانيات والنقد الأدبي، حيث تمكن في مداخلته من استعادة بعضا من ملامح السيرة الذاتية لسعيد.
وقال إن سعيد “كان لديه خوف من اللاعودة”، مستحضراً مشهداً عند زيارة المفكر الراحل بيت عمه في نيويورك، حيث كان محمّلاً بأمتعة لم يكن في حاجة لها. وأضاف كيليطو:”لقد كانت لديه رغبة في عدم فقدان أغراضه”.
فكرة العودة واللاعودة شغلت فكر ادوارد سعيد، فقد كتب في سيرته الذاتية “خارج المكان” أن والدته كانت تتوقع عدم عودته إلى عائلته ووطنه، بعد سفره إلى الولايات المتحدة الأميركية للدراسة.
وفي هذا السياق، يضيف عالم اللسانيات المغربي:”صحيح أن والدته أخطأت التقدير، حيث عاد ادوارد رغم أن تلك العودة لم تكن حقيقية.” فليس من الغريب إذن أن يشكل هذا المفكر الفلسطيني، أحد أهم الأصوات المدافعة عن “حق العودة” الذي يتبناه الفلسطينيون المتفرقون في مختلف أنحاء العالم. “لقد كان إدوارد مثقلا بالذكريات، وكان ينظر إلى صوره وألبوماته، فيبدأ في البكاء”.
ويشير الباحث المغربي الى أن سعيد كان يشعر بمتعة غريبة في مراقبة الناس دون أن يلحظوا وجوده. “لذلك كان يحب قاعات السينما، ففي هذا المكان كان يبصر الناس من دون أن يبصروه”.
بعد رحلة البحث عن العلاج من المرض وبعدما أدرك إدوارد أنه لا أمل في الشفاء، أخذ المفكر الكبير يتمرن على العيش “خارج المكان”، كما يلاحظ المحاضر كيليطو عندما قال:” لقد جرب سعيد العيش في عالم آخر، فتجربة سفره إلى الولايات المتحدة، إلى عالم لا يعرفه، كانت شبيهة بالرحلة إلى العالم الآخر”.
لقد كان ادوارد سعيد مختلفا عن الآخرين، بل هو نفسه أدرك هذا الاختلاف منذ صغره، كما يقول في سيرته الذاتية. عندما بدأ الدراسة في الولايات المتحدة  أدرك وجود هذا الاختلاف في أوساط الطلبة الأميركيين، الذين لم يسيئوا إلى أي شخص.الجميع يحبهم، وكانوا متكيفين مع طبيعتهم.
يعتبر العديد من الدارسين لمسار سعيد، أن كتاب “الاستشراق” الصادر سنة 1978 هو مشروع حياة المفكر الفلسطيني، والذي حلل فيه العديد من أعمال المستشرقين ورؤيتهم للشرق، التي كان سعيد يرى فيها الكثير من المغالطات. ويستدرك شيرر قائلا: “لقد استخدم الغرب الكونية ليميز نفسه عن الآخرين، فأصبحت الكونية وسيلة للرفض الثقافي”.
من وجهة نظر شيرر أن كتاب الاستشراق لسعيد يُعتبر إنجازاً فهو: “يعيد الكونية إلى أساسها المادي، وينتزعها من السلطة.، سعيد يهتم بالمكان أكثر من الزمان، لذلك فهو يهتم بالجغرافيا، أكثر من اهتمامه بالتاريخ”. ويضيف مدير دار ثقافات العالم:”لقد قدم لنا ادوارد سعيد قراءة جديدة للقيم الكونية”.
قضايا كثيرة شغلت تفكيرادوارد سعيد، أستاذ الأدب الإنجليزي المقارن بجامعة كولومبيا في نيويورك، حيث صدر له أكثر من خمسة عشر كتاباً. وقد تنوعت اهتماماته بين اللغة والأدب والسياسة والفن، بل وحتى الرقص الشرقي، إذ له مقال شهير عن الراقصة المصرية تحية كاريوكا بعنوان “تحية إلى راقصة”، وهو المقال الذي تضمه كتابه “تأملات حول المنفى” الصادر عام 1990.
كما ظهرسعيد في مشهد صغير في فيلم “الآخر” للمخرج المصري الراحل يوسف شاهين، وهو الفيلم الذي تناول موضوع الصراعات بين الثقافات والأديان، وظهر فيه سعيد بشخصيته الحقيقية كأستاذ جامعي.