- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

سذاجة كيري والضحك على الذقون

Bassam 2013نقطة على السطر
بسّام الطيارة
ساذج هو جون كيري وساذج هو كل من يصدق ما يقوله كيري وساذج كل من يعمل بما يخططه كيري. هذا الوصف ليس تحامل على وزير خارجية أقوى دولة في العالم، بل هو صورة واقع كتب منذ وصول كيري إلى منصبه ويمكن التأكد منه يومياً إما عبر تصريحاته غير المتوافقة مع وقائع الأمور أو عبر مقارنة بسيطة لما طرحه وتبناه ولما يحصل على الأرض الواقع.
يسعى كيري عبر خزعبلات ألسنية وتصريحات متناقضة لـ«تدجين العرب» وهو من هنا يبدو متخبطاً فالعرب ليسوا بحاجة لتدجين فهم مدحنون.
أفضل مثال على تخبط كيري جولته الحالية التي تبدو وكأنه «لا يريد البقاء في منزله» بينما هو في الواقع .
أول محطة له هي في مصر يصل إليها قبل يوم من محاكمة الرئيس المصري المعزول محمد مرسي. فهل يدعم هو هذه الحكومة التي تقوم بهذه المحاكمة أي يدعم «ما لا يريد أن يسميه انقلاباً» حتى يضطر للهاث وراء الوقت لينهي زيارته قبل بدء المحاكمة (اليوم الاثنين)؟ إذا كان الأمر كذلك لما تم تعليق المعونة الأميركية جزئياً لمصر؟ لم يتجاهل كيري كون معظم أقطاب «المعارضة الإخوانية» هم في السجن فهو دعا إلى «إجراء محاكمات نزيهة وشفافة لجميع المواطنين». زيارة قصيرة ولكنها مليئة بالتصريحات التي تبدو وكأنها «ضحك علي ذقون المصريين»… كل المصريين مؤيدي مرسي ومؤيدي السيسي.
المحطة الثانية ستكون في الرياض. في المملكة الوهابية شعور كبير بالاحباط تجاه الولايات المتحدة بسبب عدم تحركها بشكل فعال فيما يخص الحرب في سوريا وتقاربها الدبلوماسي مع إيران وموقفها الفاتر تجاه مصر. ستكون هذه الزيارة مناسبة لأول لقاء مع الملك عبد الله بن عبد العزيز منذ توليه منصب وزير الخارجية في شباط/ فبراير، ولكنها تأتي بعد تحذير مباشر من أمراء بأن «المملكة قد تبتعد عن الولايات المتحدة» بعد أن أبدى الرئيس الأميركي باراك حسين أوباما استعداداً متزايداً للمخاطرة بتوتر العلاقات مع  المملكة لتجنب التدخل العسكري في سوريا، إضافة إلى السعي لابرام اتفاق نووي مع إيران. ماذا سيقول كيري للعاهل السعودي؟  هل سيقول له «لا تصدق ما تسمعه منا في العلن»؟ هل سيقول له إن هذه التصريحات حول إيران والتحضيرات لمؤتمر جنيف ٢ هي مجرد مناورات؟ إن فعل، هل يأخذه المسؤولون السعوديون على محمل الجد؟ إن فعل يكون وكأنه «يضحك على ذقون الملك والأمراء».
أما المحطة الفلسطينية فحدث بلا حرج. قبل ٢٤ ساعة من دخول طائرة كيري أجواء الشرق الأوسط أعلنت إسرائيل خطط لبناء ١٨٥٩ وحدة سكنية. مع كل ما يعنيه هذا من «عوامل تعثر» لمفاوضات السلام الاسرائيلية-الفلسطينية. مع ذلك أعلن كيري «عند سماعه الخبر» أنه «يأمل بإحراز تقدم في الاشهر المقبلة» وتابع قائلاً  أنه سيمضي قدما بالعملية بـ«طريقة عادلة ومتوازنة». يعترف كيري بأن «المستوطنات هزت رؤية الناس وجعلتهم يتساءلون عما اذا كان المتفاوضون جادين ام لا». سؤال هل هو -كيري- جاد في قناعته؟ ماذا سيقول للفلسطينيين؟ هل سيردد «إننا جميعا بحاجة الى إعطاء هذه المفاوضات الفرصة التي تحتاج اليها»؟ أي بعد أن يتم قضم المزيد من الأراضي الفسطينية؟ إن فعل يكون كيري «يضحك على ذقون الفلسطينيين».
إنها رحلة ضحك على ذقون العرب أجمعين، أكان في ما يتعلق بمصر أو بسوريا أو بإيران أو بالملف الفلسطيني. ولكن ما لا يدركه جون كيري بحكم سذاجته هو أن العرب باتوا ملقحين من مسألة «الضحك على الذقون»، فلا حاجة لاختراع الخزعبلات الألسنية فهم يبلعون أي شيء يقال لهم.