- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

الصحة .. تنهك أوباما

Najat 2013_2نجاة شرف الدين

عندما حضرت وزيرة الصحة الأميركية كاثلين سيبليس للدفاع عن مشروع التأمين الصحي والذي بات يعرف باسم ” أوباما كير ” ، أمام الكونغرس الأميركي ، بدا واضحا أنها  لم تكن تملك كافة الأجوبة على الأسئلة التي طرحت عليها وخاصة المتعلقة بمواضيع التمويل والإستعدادات التقنية للمرحلة التنفيذية للمشروع ،   رغم  ظهورها بموقع  الواثقة من نفسها ،وبرز ذلك من خلال إقرارها أيضا بمسؤوليتها عن بعض تفاصيل الملف لا سيما منها الصعوبات والمشاكل  التي واجهت المشروع في الإدارة والتطبيق .
كلام الوزيرة الأميركية ، والذي يأتي في سياق ردها على الحملات التي أطلقت من الجمهوريين نتيجة المشاكل التي يواجهها هذا المشروع الصحي ، بعد وضعه موضع التطبيق إبتداء من الاول من شهر أكتوبر الماضي ، ليكشف عن مدى سوء الإدارة وعدم الإستعداد في الفريق المكلف الإعداد والذي أدى الى وقف الموقع المعد لإستقبال طلبات المواطنين الأميركيين ، وخاصة من لم يكن لديهم تأمين صحي ، وهم يشكلون حوالى 24 مليون مواطن ، في التسجيل من خلال الموقع وإختيار برنامج التأمين المناسب لهم ، إلا أن ما حصل ، لم يكن مفاجأ للجمهوريين فقط ، بل للديموقراطيين أيضا ، وخاصة لرئيسهم باراك أوباما ، الذي يعتبر هذا المشروع ، إنجازه الداخلي الأهم في عهده ، والذي خاض حربه على كافة المستويات من أجل تمريره في الكونغرس ، وحمايته من الهجوم المستمر للجمهوريين عليه ، من أجل إسقاطه بالسياسة بعد أن مر في الصحة ( مشروع أوباما كير ).
تقاذف المسؤوليات بين موظفي ومستشاري  البيت الأبيض إضافة الى مساعدي أوباما ، نتيجة الفشل في إطلاق المشروع الصحي ، والذي ركزت عليه الصحافة الأميركية وكان مدار نقاش واسع في الإعلام ، لم يستطع أن يحمي الرئيس الأميركي من نيران صديقة أصابته في شعبيته ، وأدت الى تراجعه ، على الرغم من خروجه منتصرا من معركته الأخيرة مع الجمهوريين في الكونغرس على خلفية مشروع الموازنة ، مما أفقده من بريق وأهمية برنامج التأمين الصحي الذي عمل عليه بشكل دوري طوال الفترة الماضية ، وهو الذي إختار المسؤولة وهي نانسي آن دوبالر لتتولى قيادة الفريق المكلف تأمين التحضيرات القانونية واللوجستية تمهيدا لورشة الإنطلاق التي كرر أوباما أكثر من مرة أنه ” إذا لم يكن الموقع جاهزا فكأننا لم نفعل شيئا”.
التحذيرات من الصعوبات التي يمكن ان تواجه هكذا مشروع كبير وأساسي لم تكن وليدة اللحظة ، كما الإنتقادات التي وجهت للفريق المكلف ، والتي أطلقها العديد من الخبراء والأساتذة المعروفين في جامعات عريقة مثل هارفرد ،وحتى بعد إعادة إنتخاب أوباما لولاية ثانية ، حيث دعوه  الى تشكيل فريق جديد ومتجانس يملك القدرة على تحويل ألفي صفحة المؤلف منها المشروع الى واقع منجز لتنفيذ البرنامج ، إلا أن شيئا لم يتغير ، وظهرت تباينات في الآراء في الفريق الواحد وظهرت مؤشرات ” شد الحبال ” كما وصفتها صحيفة الواشنطن بوست داخل البيت الأبيض ، وليضاف إليها الأجواء الحربية المرافقة للعمل من خلال الحملة الشرسة التي قادها الجمهوريون على المشروع ، مما أحدث مزيدا من التشرذم داخل الفريق البيضاوي ، وأدى في بعض المراحل الى إخفاء المعلومات خوفا من إنتشارها وتسريبها للجمهوريين ، الذين يحاولون إستغلالها في حملتهم ، مما إنعكس سلبا على تحضيرات العمل وتطبيقاته وخلق نوعا من الإحباط في طريقة العمل ، التي من المفروض أن تكون تبادلية وتشاركية في هكذا مشروع ضخم .
يبدو أن الرئيس أوباما ، ورغم العمل على مشروعه الصحي منذ العام 2010 أصيب بنكسة داخلية أصابته في عقر داره ، وأنهكته ليس فقط صحيا( نسبة لمشروعه الصحي ) وإنما أيضا سياسيا ، حيث تراجعت شعبيته بعد الفشل في إنطلاقة المشروع ، الذي يعول عليه كإنجاز تاريخي لعهده .  فهل بدأ أوباما يعاني باكرا حمى ضعف  الولاية الثانية أم يستطيع معالجة تداعيات الفشل مرحليا ليعيد الإنطلاقة مجددا ويستكملها بإنجاز مشروعه الثاني الذي يعمل عليه وهو قانون الهجرة ؟